مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٢٦
والمعيد (1)، ان تعالى محتجبا بعزه كان غفورا، وان أحب ان يعرف دنا وظهر فيما شاء كيف شاء، وكان ودودا.
وبالمحبة يبدئ من كونه محبا، وهى تبديه، وبها من كونه محبا ومحبوبا يعيد، كل شئ في قبضته ومقهور تحت قوة بطشه، لقوة فعله وضعف المنفعل، ومظهر قدرته وآلة حكمته في فعله بسنته، ومحل ظهور سر القبض والبسط والابداء والاخفاء والغيب والشهادة والكشف والحجاب الصوري النسبي الذي (2) به يفعل تعالى ما ذكر؟ لا مطلقا هو العرش المجيد (3).
ولهذا قال سبحانه مبدئا سر هذا الامر: لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد (37 - ق) ان بطش ربك لشديد انه هو يبدئ ويعيد وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد (13 - 16 - البروج) في مرتبتي الاطلاق والتقييد، وقوله تعالى: فعال لما يريد، جواب سؤال مقدر، علم أنه يبدو من معترض محجوب.
وصل ولما كان الحق سبحانه من حيث حقيقته في حجاب عزه، لا نسبة بينه وبين ما سواه - كما سبق التنبيه عليه - كان الخوض فيه من هذا الوجه والتشوق إلى طلبه تضييعا

(1) - وهذا سر قول أصحاب المعرفة ان لا تكرار في التجلي، وان الله لا يتجلى في صورة مرتين، فهو تعالى دائما في التجلي بأسمائه الظاهرة كالرحمن والمبدئ، وبأسمائه الباطنة كالمالك والقاهر والمعيد، والحقائق دائما في الظهور والبطون، فكل يوم هو في شأن من الجمال والظهور والجلال والبطون - خ (2) - صفة لقوله:
ومظهر قدرته، والأولى العطف باظهار الواو العاطفة كما فعله الشارح المحقق (ش) (3) - هذا العرش هو العرش في مقام الظهور، واما عرش الذات ومستوى السلطنة الذاتية هو الاسم الجامع الاحدى وبه يظهر مقام الواحدية والكثرات الأسمائية، كما أن عرش الصفات هو العين الثابتة الأحدية الأحمدية الجمعية، وبه يظهر الأعيان الثابتة وصور الأسماء الإلهية، والمقام لا يسع بيان كيفية البسط والقبض والابداء والاخفاء والكشف والحجاب في كل واحد من المقامات على ما عندي بفضله الدائم (خ)
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست