للوقت وطلبا لما لا يمكن تحصيله ولا الظفر به الا بوجه جملي، وهو ان ما وراء ما تعين أمرا به يظهر كل متعين، لذلك قال سبحانه بلسان الحرمة والارشاد: ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد (30 - آل عمران) فمن رأفته ان اختار راحتهم وحذرهم عن السعي في طلب ما لا يحصل، لكن لهذا الوجود الحق من حيث مرتبته عروض وظهور في نسب علمه التي هي الممكنات، ويتبع ذلك العروض والظهور احكام وتفاصيل وآثار بها تتعلق المعرفة التفصيلية، وفيها ومنها يقع الكلام، واما ما وراء ذلك: فلا لسان له ولا خطاب له يفصله، بل الاعراب عنه يزيده اعجاما، والافصاح ابهاما - على ما ستعرفه إن شاء الله - وها انا أذكر ما به يتم التمهيد الموعود ذكره أولا، وقد ذكر أكثره بوجه كلي، ثم يقع الشروع في الكلام بلسان حضرة الجمع والوجود الذي هذا (1) بعض رقائقه، فإنه المتضمن سر الألوهية والذات والايجاد والموجودات وترتيبها كونا ومرتبة - وما سبق الموعد - بذكره، أبين - كل ذلك على الوجه الأصلي والترتيب الالى إن شاء الله، والله ولى العون.
فصل اعلم أن للوجود الإلهي من حيث عروضه للاعيان بحسب كل اقتران وتعين ظهورا يستلزم احكاما شتى، ولتلك الاحكام أيضا صلاحية التعين بالوجود الحق، فاما في بعض المراتب الوجودية واما في جميعها، وهى تنقسم أول ما تنقسم قسمين: قسم لا حكم للامكان فيه الا من وجه واحد وهو كونه في حقيقته ممكنا مخلوقا، فامكانه فيه معقول بالنظر إليه، فلا يتوقف قبوله للوجود من موجده واتصافه به على شرط غير الحق سبحانه،