مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٢٦
من كل وصف، فلا تعين ولا إشارة ولا حكم، والوجه الاخر يسرى في حضرة الجمع العمائي فيقضى بانبعاث ما انبعث من الأسماء والصفات والنسب والإضافات والأعيان الممكنة والمدرك من الموجودات.
وان لم يكن الانسان من الكمل، فأول مراتبه الوجودية ما يتحصص له من صورة العماء من حيث النسبة التي ينتهى إليها امره وحاله بعد استقرار أهل الدارين في منازلهم - كما سبق التنبيه عليه -.
والآخرية أيضا تعلم من الأولية، فان الخاتمة عين السابقة، وكل اخر في الحقيقة عين أوله، واما الدرجات التي يستقر فيها الخلق في الدارين بعد التمييز الأخير، فليست غير مراتب أولياتهم التي تحققت نسبتهم إليها حال التوجه والتعين الإرادي، ودخول كل منهم تحت حكم الاسم الإلهي الذي تولاهم لما تعين بهم، إذ بالموجودات تتعين الأسماء، كما أن بالأسماء يتعين لكل موجود نسبة مربوبيته وما يخصه من مطلق الربوبية، فدرجة كل انسان في النار أو في الجنة ومنزلته هي عين نسبة مربوبيته المرتبطة بأحد احكام النسبة الربية.
وهنا دقيقة تختص بالكمل وهى: ان الكمل لا يستقر منهم في الجنان الا ما يناسبها منهم، إذ الجنة لا تسع انسانا كاملا ولا غير الجنة من العوالم أيضا، بل المقيم من الكامل في الجنان ما يناسب المراتب الجنانية، إذ الكامل من سنخ الحضرة ولا عجب ان يكون العبد على خلق مولاه والمولى غير متحيز ولا متقيد بمكان دون غيره، وكيف وهو مع كل شئ ومحيط بكل شئ وقد وسع كل شئ رحمة وعلما، ورحمته ووجوده وعلمه وحيطته لا يتعدد في حضرة أحديته، فافهم.
فللكامل حقائق لا تناسب الجنة، وله ما لا يناسب النار أيضا، ولا موطنا بعينه - مع ارتباطه ومناسبته الذاتية المرتبية بكل شئ في نفس اعتلائه ونزاهته واطلاقه عن كل صورة ونشأة وموطن ومقام وحضرة - هذا وان لم يخل عالم ولا حضرة ولا موطن من مظهر يختص بالكامل، وبذلك المظهر الكمالي المتصل به يبقى حكم تصرفه
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست