فالقصد الايجاز والاجمال، واعتبر حكم بقية الكواكب الخمسة التي لم يعين الأسماء المختصة بها، بل وقع الاختصار على ذكر الشمس والقمر، لكلية سرهما وجلالة احكام مظهريتهما، وكذا ما ذكر من سر الوكالة والخلافة والاستخلاف وغير ذلك، وتنبه (1) للانسان الكامل، وان نسبة حقيقة الحقائق إليه بما سبق (2) من التفسير نسبة حقيقة كل موجود إلى صورته.
وقد عرفتك ان قولنا: حقيقة الموجود وعينه الثابتة وماهيته ونحو ذلك عبارة (3) عماذا (4)، فتذكر، يلح لك من المجموع معظم اسرار الارتباطات والمناسبات الثابتة بين المراتب وأهلها، وبين الأرواح وصورها، وبين الأسماء ومظاهرها، وبين الفروع وأصولها. وترى التطابق الذي بين المثل المظهرية وبين الحقائق الظاهرة بها وفيها، فينفتح لك بذلك وما قبله اسرار عزيزة الهية يقل (5) وجدان عارفها، فاعرف قدرها، واحمد الله وحده لا رب غيره.
(تتمة شريفة) لما ذكر في هذا الفصل المتقدم: لا شك (6) في استناد العالم إلى الحق من حيث مرتبته المسماة الوهة، ولهذه الألوهة - كما قد علمت مما مر - حقائق كلية هي جامعتها ويسمى في اصطلاح أهل الظاهر - الصفاتيين وغيرهم -: حياة وعلما وإرادة وقدرة، والألوهة مرتبة للذات المقدسة ونسبتها إليه نسبة السلطنة إلى السلطان والخلافة إلى الخليفة والنبوة إلى النبي، يعقل التمييز بينهما حقيقة وعلما، أي بين المرتبة وصاحبها من سلطان وخليفة وغيرهما، فلا يظهر في الخارج للمرتبة صورة زائدة على صورة صاحبها، لكن يشهد اثرها ممن ظهر بها ما دام لها (7) الحكم به، وله بها، ومتى انتهى حكمها (8) به،