مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٤٤
زعمها عنك - ناطقة بالثناء عليك، ذكرتها في نفسك، فظهرت قائمة بذكرك، امرتها بنفس اشعارها بما تريده منها، فأذعنت خاضعة لأمرك، وقهرتها بحيطتي علمك وقدرتك، فانقادت لحكمك، وأريت ما شئت منها ترتب حكمك عليها بحسب ما يستدعيه منك استعدادها، فاعترفت بعدلك. وغمرتها بالرحمة والاحسان الذاتيتين لا تعرف لهما موجبا من جهتهما، فعجزت عن نشر برك وفضلك، وعاينت قصورها عن القيام بحق حمدك وشكرك، فكمال افصاحها عن واجب ثنائك اعجام وتمام اعرابها عن كنه سرك ابهام، ومنتهى علمها بك الحيرة الكبرى في كل مشهد ومقام، وذلك لاستيلاء العجز والنقص عليها، وضعف قوتي ابصارها وبصائرها عن دق حجاب العزة والصون الذي بين يديها، فمن أصاب في فعل أو قول: فأنت الذي وفقته وسددته، ومن أخطأ طرق مراضيك: فأنت الذي حرمته وطردته، ان رغب أحد فيك أو فيما لديك: فبما ألهمت وزينت، وان وافقك من بعض الوجوه في علمك بنفسك وبالأشياء: فبما أوضحت له وبينت. سبحانك سبحانك نفر منك إليك ونعوذ بك منك ونعول في كل حال عليك، فلا تجعلنا من المجيبين لكل صائت، وكن لنا عوضا عن كل فائت، وتول كل أمر تضيفه إلينا بنفسك، ولا تحجبنا في كل ما تقيمنا فيه عن حضرات قدسك وحلاوة شهودك وانسك، آمنين عن كل ما لا يرضيك. آمين.
تم الكتاب والحمد لرب الأرباب ولى الفضل والجود، الظاهر بالوجود، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144
الفهرست