مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٢٠
والماسكة والنامية والهاضمة والدافعة ونحوها - واما بالعكس - فالألوهية ورقائقها نسب معقولة، والانسان صورة لجميعها ولسائر الحقائق الكونية، فهي وغيرها مبثوثة في نشأته ومجموعة في نسخة وجوده، والعلم معنى مجرد وله في نسخة وجود الانسان في بعض العوالم صورة من لبن وماء وغيرهما، وكذا غيره من المعاني المجردة، ولهذا السر تفصيل عزيز ونكت غامضة يتعذر افشائها.
قولي: في كم ينحصر أجناس العالم؟
أجناس العالم منحصرة فيما مر ذكره في ترتيب ايجاد الموجودات إلى منتهى كمال السلسلة والدائرة، ومن جملتها المقولات العشر، لكن على نحو ما يتعين حكمها في الحضرة الإلهية، لا الحكم المعهود منها، وان شئت ان تعرف عددها حسا ومثالا، فهي من وجه تسعة وأربعون حقيقة غيبية ومظاهرها أيضا كذلك، فالجملة ثمانية وتسعون.
ثم الحقيقة المشتملة على الجملة، أعني العماء الذي هو برزخ الوجوب والامكان والربوبية والمربوبية، ولا يشهده الا الانسان الكامل أو بعض الافراد الندر، وتمام المائة بأحدية جمع الهوية وليس لما فوق هذه الحضرة وصف ولا اسم ولا تعين ولا حكم، فافهم.
واما الجواب: عما ذكر في سر التأثير باعتبار تأثير الأشياء بعضها في البعض وتأثير الجملة في الانسان، مع أنها بأسرها محل فعله ومظاهر اثار مقامه الكريم.
فاعلم انني قد أسلفت في ذلك إشارات يكتفى بها اللبيب ذو الكشف الصحيح، المشارك في المشرب. وسأختم تلك الإشارات بما أعطاه لب الكشف والذوق الحق الصرف وهو: ان الشهود الأتم الأكمل قضى: ان كل ما يسمى مراة ومجلى ومظهرا وعينا ونحو ذلك، ليس سوى تعينات صور أحوال ذات الحق سبحانه - على ما بينها من التفاوت في الحكم - والحق من حيث باطن هويته متجل في عين كل فرد فرد من أحواله المتميزة التي تعينت وظهرت له ولبعضها بعضا به منه من حيث نسبة الظهور، وهو الظاهر المجلى، وان ظن تعدده وهو الباطن المتجلى فيما ظهر منه، وان ظن توحده والأثر حالة من جملة الأحوال المشار إليها،
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست