فقد أربى ذلك على سير السواني وكلا فإن كرمه يراوده عن أشرف الخصال ويأبى له إلا محاسن الأفعال فصل عاد فلان وقد علته بشاشة النجاح ودبت في نشوة الارتياح تلوح مسرة اليسر على جبينه وتصيح بانقضاء العسر أسرة يمينه فصل وأما إعجاب ذلك الفاضل بالفصول التي عرضتها عليه لم يكن على ما أحسبه إلا لخلة واحدة وهي أنه وجد فنا في غير أهله فاستغربه وفرعا في غير أصله فاستبدعه وقد يستعذب الشريب من منبع الزعاق ويستطاب الصهيل من مخرج النهاق ولكنك فيما أقدمت عليه من بسط اللسان بحضرته وإرخاء العنان فيه بمشهده كنت كمن صالت بوقاحته الحجر وحاسن بقباحته القمر ولا كلام فيما مضى ولا عتب فيما اتفق فصل وجرى توقيع له قبيح بمن تسمو همته إلى قصد من تغلو عنده قيمته أن تكون على غيره عرجته أو إلى سوى بيته زيارته وحجته ومن مشهور ما ينسب إليه من الشعر قال (قال للذي بصروف الدهر عيرنا * هل حارب الدهر إلا من له خطر) (أما ترى البحر تعلو فوقه جيف * ويستقر بأقصى قعره الدرر) (فإن تكن نشبت أيدي الزمان بنا * ونالنا من تمادي بؤسه الضرر) (ففي السماء نجوم ما لها عدد * وليس يكسف إلا الشمس والقمر) من البسيط كأنه ألم فيها بقول ابن الرومي (دهر علا قدر الوضيع به * وترى الشريف يحطه شرفه)
(٦٩)