(نزه يقين الهوى فيك * عن تعرض شك) (لولاك ما كنت أبكي * إلى الصباح وأبكي) من المجتث فنظر إلى الغلام وتبسم فعلمت أن الشعر له فكدت والله أطير طربا وفرحا بملاحة خلقه وجودة ضربه وعذوبة ألفاظه وتكامل حسنه فاستدعيت كيزانا فأحضرنا الخادم عدة قطع من فاخر البلور وجيد المحكم فشربت سرورا بوجهه وشرب بمثل ما شربت ثم قال لي أنا والله يا سيدي أحب ترفيهك وأن لا أقطعك عما أنت متوفر عليه ولكن إذا عرفت الاسم والنسب والصناعة واللقب فلا بد أن تشي ليلتنا بشيء يكون لها طرازا ولذكرها معلما فجذبت الدواة وكتبت ارتجالا وقد أخذ الشراب مني (وليلة أوسعتني * حسنا ولهوا وأنسا) (ما زلت ألثم بدرا * بها وأشرب شمسا) (إذا أطلع الدير سعدا * لم يبق مذ بان نحسا) (فصار للروح مني * روحا وللنفس نفسا) من المجتث فطرب على قولي ألثم بدرا وأشرب شمسا وجذب غلامه فقبله وقال ما جهلت ما يجب لك يا سيدي من التوقير وإنما اعتمدت تصديقك فيما ذكرته فبحياتي إلا فعلت مثل ذلك بغلامك فاتبعت آثاره خوفا من احتشامه وأخذ الأبيات وجعل يرددها ثم أخذ الدواة وكتب إجازة لها (ولم أكن لغريمي * والله أبذل فلسا) (لو ارتضى لي خصمي * بدير مران حبسا) من المجتث فقلت إذا والله ما كان أحد يؤدي حقا ولا باطلا وداعبته في هذا المعنى بما حضر وعرفت في الجملة أنه مستتر من دين قد ركبه وقال لي قد خرج لك أكثر الحديث فإن عذرت وإلا ذكرت لك الحال لتعرفها على صورتها فتبينت ما يؤثره من كتمان أمره فقلت له يا سيدي كل ما لا يتعرف بك نكرة وقد
(٢٩٨)