قال أبو الفرج فورد علي ما حيرني واسترد ما كان الشراب حازه من تميزي وحصل لي في الجملة أن أغلب الأوصاف على صاحبها الكتابة خطا وترسلا ونظما فشاهدته بالفراسة من ألفاظه وحمدت أخلاقه قبل الاختبار من رقعته وقلت للراهب ويحك من هذا وكيف السبيل إلى لقائه فقال أما ذكر حاله فإليه إذا اجتمعنا وأما السبيل إلى لقائه فمتسهل إن شئت قلت دلني قال تظهر فتورا وتنصب عذرا تفارق به أصحابك منصرفا وإذا حصلت بباب الدير عدلت بك إلى باب خفي تدخل منه فرددت الرقعة عليه وقلت ارفعها إليه ليتأكد أنسه بي وسكونه إلي وعرفه أن التوفر على إعمال الحيلة في المبادرة إلى حضرته على ما آثره من التفرد أولى من التشاغل بإصدار جواب وقطع وقت بمكاتبته ومضى الراهب وعدت إلى أصحابي بغير النشاط الذي نهضت به فأنكروا ذلك فاعتذرت إليهم بشيء عرض لي واستدعيت ما أركبه وتقدمت إلى من كان معي ممن يخدم بالتوفر على خدمتهم وقد كنا عملنا على المبيت فأجمعوا على تعجل السكر والانصراف وخرجت من باب الدير ومعي صبي كنت آنس به وبخدمته وتقدمت إلى الشاكري برد الدابة وستر خبري ومباكرتي وتلقاني الراهب وعدل بي إلى طريق في مضيق وأدخلني إلى الدير من باب غامض وصار بي إلى باب قلاية متميز عما يجاوره من الأبواب نظافة وحسنا فقرعه بحركات مختلفة كالعلامة فابتدرنا منه غلام كأن البدر ركب على أزراره مهفهف الكشح مخطفه معتدل القوام أهيفه تخال الشمس برقعت غرته والليل ناسب أصداغه وطرته في غلالة تنم على ما تستره وتجفو مع رقتها عما تظهره وعلى رأسه مجلسية مصمت فبهر عقلي واستوقف نظري ثم أجفل كالظبي المذعور وتلوته والراهب إلى صحن القلاية فإذا أنا ببيت فضي
(٢٩٦)