وقول الآخر من الوافر (إذا دنت المنازل زاد شوقي * ولا سيما إذا بدت الخيام) (فلمح العين دون الحي شهر * ورجع الطرف دون السير عام) وقول الآخر من الخفيف (فسقى الله بلدة أنت فيها * كدموعي عند اعتراض الفراق) (وأرانيك فالصبا قد ترقت * يا بروحي إلى أعالي التراقي) وقول الآخر من الطويل (ووالله لا فارقت عقدة وده * ولا حلت ما عمرت عن حفظ عهده) (ولا بد أن الدهر كاشف أهله * ويظهر للمولى موالاة عبده) وكان أبو بكر الخوارزمي في ريعان عمره وعنفوان أمره قد دوخ بلاد الشام وحصل من حضرة سيف الدولة بحلب في مجمع الرواة والشعراء ومطرح الغرباء الفضلاء فأقام ما أقام بها مع أبي عبد الله بن خالويه وأبي الحسن الشمشاطي وغيرهما من أئمة الأدباء وأبي الطيب المتنبي وأبي العباس النامي وغيرهما من فحول الشعراء بين علم يدرسه وأدب يقتبسه ومحاسن ألفاظ يستفيدها وشوارد أشعار يصيدها وانقلب عنها وهو أحد أفراد الدهر وأمراء النظم والنثر وكان يقول ما فتق قلبي وشحذ فهمي وصقل ذهني وأرهف حد لساني وبلغ هذا المبلغ بي إلا تلك الطوائف
(٣٥)