فأجابتني عن الكتاب وقالت ما أنت والله كما ذكرته في هذا البيت بل أنت كما قال الشاعر في هذه القصيدة (سهرت بعد رحيلي وحشة لكم * ثم استمر مريري وارعوى الوسن) قال ولما سمع سيف الدولة البيت الذي يتلوه وهو قوله (وإن بليت بود مثل ودكم * فإنني بفراق مثله قمن) قال سار وحق أبي قال ولما سمع قوله لفنا خسرو (وقد رأيت الملوك قاطبة * وسرت حتى رأيت مولاها) من المنسرح قال ترى هل نحن في الجملة سمعت أبا بكر الخوارزمي يقول كان أبو الطيب المتنبي قاعدا تحت قول الشاعر (وإن أحق الناس باللوم شاعر * يلوم على البخل الرجال ويبخل) من الطويل وإنما أعرب عن عادته وطريقته في قوله (بليت بلى الأطلال إن لم أقف بها * وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه) من الطويل فحضرت عنده يوما بحلب وقد أحضر مالا من صلات سيف الدولة فصب بين يديه على حصير قد افترشه ووزن وأعيد في كيس وإذا بقطعة كأصغر ما يكون من ذلك المال قد تخللت خلل الحصير فأكب عليها بمجامعه ينقرها ويعالج استنقاذها منه ويشتغل بذلك عن جلسائه حتى توصل إلى إظهار
(١٤٩)