وأما الحكم بحرمته في الإسلام وكذا في الشرائع السابقة عليه على ما يحكى فإنما هو حكم تشريعي يتبع المصالح والمفاسد لا تكويني غير قابل للتغيير، وزمامه بيد الله سبحانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فمن الجائز أن يبيحه يوما لاستدعاء الضرورة ذلك ثم يحرمه بعد ذلك لارتفاع الحاجة واستيجابه انتشار الفحشاء في المجتمع.
والقول بأنه على خلاف الفطرة وما شرعه الله لأنبيائه دين فطري، قال تعالى: ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) (1) فاسد فإن الفطرة لا تنفيه ولا تدعو إلى خلافه من جهة تنفرها من هذا النوع من المباشرة (مباشرة الأخ الأخت) وإنما تبغضه وتنفيه من جهة تأديته إلى شيوع الفحشاء والمنكر وبطلان غريزة العفة بذلك وارتفاعها عن المجتمع الإنساني، ومن المعلوم أن هذا النوع من التماس والمباشرة إنما ينطبق عليه عنوان الفجور والفحشاء في المجتمع العالمي اليوم وأما المجتمع يوم ليس هناك بحسب ما خلق الله سبحانه إلا الأخوة والأخوات والمشية الإلهية متعلقة بتكثرهم وانبثاثهم فلا ينطبق عليه هذا العنوان.
والدليل على أن الفطرة لا تنفيه من جهة النفرة الغريزية تداوله بين المجوس أعصار طويلة (على ما يقصه التاريخ) وشيوعه قانونيا في روسيا (على ما يحكى) وكذا شيوعه سفاحا من غير طريق الازدواج القانوني في أوروبا.
وربما يقال: إنه مخالف للقوانين الطبيعية وهي التي تجري في الانسان قبل عقده المجتمع الصالح لإسعاده، فإن الاختلاط والاستيناس في