والشرف والخسة وأعلى مراتبها الحياة الإنسانية ثم ما يليها ثم الأمثل فالأمثل وأما أن ذلك من طريق تبدل كل نوع مما يجاوره من النوع الأكمل، فلا يفيده هذا الدليل على سبيل الاستنتاج.
نعم يوجب حدسا ما غير يقيني بذلك فالقول بتبدل الأنواع بالتطور فرضية حدسية تبتني عليها العلوم الطبيعية اليوم ومن الممكن أن يتغير يوما إلى خلافها بتقدم العلوم وتوسع الأبحاث.
وربما استدل على هذا القول بقوله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (1)، بتقريب أن الاصطفاء هو انتخاب صفوة الشيء وإنما يصدق الانتخاب فيما إذا كان هناك جماعة يختار المصطفى من بينهم ويؤثر عليهم كما اصطفى كل من نوح وآل إبراهيم وآل عمران من بين قومهم ولا زال ذلك أن يكون مع آدم قوم غيره فيصطفى من بينهم عليهم، وليس إلا البشر الأولي غير المجهز بجهاز التعقل فاصطفى آدم من بينهم فجهز بالعقل فانتقل من مرتبة نوعيتهم إلى مرتبة الإنسان المجهز بالعقل الكامل بالنسبة إليهم ثم نسل وكثر نسله وانقرض الإنسان الأولي الناقص.
وفيه أن العالمين في الآية جمع محلى باللام وهو يفيد العموم ويصدق على عامة البشر إلى يوم القيامة فهم مصطفون على جميع المعاصرين لهم والآتين بعدهم كمثل قوله : (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) فما المانع من كون آدم مصطفى مختارا من بين أولاده ما خلا المذكورين منهم في الآية؟ وعلى تقدير اختصاص الاصطفاء بما بين المعاصرين وعليهم ما هو المانع من كونه مصطفى مختارا من بين أولاده