ثم قال بعد كلام له في تنفيح معنى الأحاديث، ورفعه التدافع الواقع بينها على زعمه : والعمدة عند أهل السنة في تحريمها وجوه: أولها: ما علمت من منافاتها لظاهر القرآن في أحكام النكاح والطلاق والعدة إن لم نقل لنصوصه، وثانيها: الأحاديث المصرحة بتحريمها تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة - إلى أن قال -: وثالثها: نهي عمر عنها وإشارته بتحريمها على المنبر، وإقرار الصحابة له على ذلك وقد علم أنهم ما كانوا يقرون على منكر، وأنهم كانوا يرجعونه إذا أخطأ.
ثم اختار أن تحريمه لها لم يكن عن اجتهاد منه، وإنما كان استنادا إلى التحريم الثابت بنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما يسند إليه التحريم من جهة أنه مبين للحرمة أو منفذ لها كما يقال: حرم الشافعي النبيذ وأحله أبو حنيفة.
أقول: أما الوجه الأول والثاني فقد عرفت آنفا وفي البيان المتقدم حقيقة القول فيهما بما لا مزيد عليه، وأما الوجه الثالث فتحريم عمر لها سواء كان ذلك باجتهاد منه أو باستناده إلى تحريم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يدعيه هذا القائل، وسواء كان سكوت الصحابة عنه هيبة له وخوفا من تهديده، أو إقرارا له في تحريمه كما ذكره، أو لعدم وقوعه موقع قبول الناس منهم كما يدل عليه الروايات عن علي وجابر وابن مسعود وابن عباس فتحريمه وحلفه على رجم مستحلها وفاعها لا يؤثر في دلالة الآية عليها، وعدم انثلام هذه الحيلة بكتاب أو سنة فدلالة الآيات إحكامها مما لا غبار عليه.
وقد أغرب بعض الكتاب حيث ذكر أن المتعة سنة جاهلية لم تدخل في الإسلام قط حتى يحتاج إلى إخراجها منه وفي نسخها إلى كتاب أو سنة وما كان يعرفها المسلمون ولا وقعت إلا في كتب الشيعة.
أقول: وهذا الكلام المبني على الصفح عما يدل عليه الكتاب