مناص لها من الإذعان بسنة النكاح على نحو الاختصاص بوجه بمعنى أن لا يختلط الرجال والنساء على نحو يبطل الأنساب وإن فرض التحفظ عن فساد الصحة العامة وقوة التوالد الذي يوجبه شيوع الزنا والفحشاء.
هذه أصول معتبرة عند جميع الأمم الجارية على سنة النكاح في الجملة سواء خصوا الواحد بالواحد، أو جوزوا الكثير من النساء للواحد من الرجال أو بالعكس أو الكثير منهم للكثير منهن على اختلاف هذه السنن بين الأمم فإنهم مع ذلك يعتبرون النكاح بخاصته التي هي نوع ملازمة ومصاحبة بين الزوجين.
فالفحشاء والسفاح الذي يقطع النسل ويفسد الأنساب أول ما تبغضه الفطرة الإنسانية القاضية بالنكاح، ولا تزال ترى لهذه المباغضة آثارا بين الأمم المختلفة والمجتمعات المتنوعة حتى الأمم التي تعيش على الحرية التامة في الرجال والنساء في المواصلات والمخالطات الشهوية فإنهم متوحشون من هذه الخلاعات المسترسلة، وتراهم يعيشون بقوانين تحفظ لهم أحكام الأنساب بوجه.
والإنسان مع إذعانه بسنة النكاح لا يتقيد فيه بحسب الطبع، ولا يحرم على نفسه ذا قرابة أو أجنبيا، ولا يجتنب الذكر من الإنسان اما ولا أختا ولا بنتا ولا غيرهن، ولا الأنثى منه أبا ولا أخا ولا ابنا بحسب الداعية الشهوية فالتاريخ والنقل يثبت نكاح الأمهات والأخوات والبنات وغيرهن في الأمم العظيمة الراقية والمنحطة، والأخبار تحقق الزنا الفاشي في الملل المتمدنة اليوم بين الاخوة والأخوات، والآباء والبنات وغيرهن فطاغية الشهوة لا يقوم لها شئ، وما كان بين هذه الأمم من اجتناب نكاح الأمهات والأخوات والبنات وما يلحق بهن فإنما هو سنة موروثة ربما انتهت إلى بعض الآداب والرسوم القومية.