والشرة، مع أن تلك الآيات لا تدل على أن العقاب والثواب كذلك، فإن حضور المعمول خيرا وشرا بنفسهما لا يورثان الثواب والعقاب بحصولهما، بل ذلك في حكم الشاهد، وأنه مما لا يخفى على العباد يوم المعاد، وأما تأذي العامل بتلك الصورة المؤذية التابعة للعمل السوء، وهي هو في تلك النشأة، وتنعم العامل بتلك الصورة الملذة التابعة للأعمال الحسنة، بل هي هي في تلك الدار، فلا دلالة لها عليهما.
بل الغاية دلالتها على عدم خفاء شئ حتى ينكر الناس ما صنعوا من الشر، وهذا من الآثار الحاصلة، لأن تلك الدار مقام جمع الأشياء، بخلاف هذه الدار، ولكن كون العقاب والثواب من التبعات، حتى نحتاج إلى صرف الأدلة الأخرى عن مصيرها - على ما تقرر في الكتب التفسيرية (1) أحيانا، وبعض الكتب العقلية، مثل الأسفار (2) وسائر كتب هذا النحرير (3) - فهو في غاية البعد، لما مر ومضى.
وإني كنت من القاطعين بتلك المقالة ومن الخائضين فيها وفي أدلتها، وقد أقمنا بعض الشواهد بل البراهين الخاصة، إلا أنه بعد ما تنبهت على اختفاء ذلك على أبناء الشريعة ورواة الحديث وفقهاء الاسلام والشيعة، عدلت عنها، ولو كان الأمر كما يقولون لما كان يخفى، بل تصير كالنار على المنار، بل كالشمس في رابعة النهار، ويزداد في الوضوح