الكرام سلموا محمدا لزعامة قريش أو خلوا بينها وبينه لقتلوه كما قتل كثير من الأنبياء من قبل)، ولما تحمل الآل الكرام كل سني الحصار والعذاب والألم. وبالمناسبة فإنني أتسأل: أين كان كل الصحابة والهاشميون محصورون في شعاب أبي طالب يأكلون ورق الشجر من الجوع ويمص أطفالهم الرمال من العطش؟ هل من العدالة الوضعية أو السماوية أن يتساوى المحاصر مع المحاصر، * (ما لكم كيف تحكمون) *.
الوجه الثاني:
أما القول بأن هؤلاء الذين ينقصون أحدا من الصحابة (زنادقة) فلا يستقيم لعدة وجوه، لأن الإسلام بوصفه آخر الأديان السماوية، وبوصفه الصيغة النهائية لدين الله معد ومصاغ ليفهم منه كل إنسان على قدر فهمه، والفهم الأمثل هو ما يتطابق مع المقصود الشرعي أو الغاية الشرعية من النص بحيث يكون الفهم هو عين ما أراد الله وتلك مهمة عسيرة بل واختصاص فني تماما، وإلا فما الداعي لإرسال الرسل مع الكتب وابتعاث الهادي مع الهداية؟ وما هي الغاية إذن من وجود الأئمة ومن رئاسات الأنبياء لدول الإيمان؟ ومن هنا فإن الإسلام شئ وفهمنا له شئ آخر يختلف حسب ثقافاتنا. فاختلاف الرأي وتباين الأفهام ليس زندقة، وهنالك من الصحابة من عاب النبي نفسه وطعن في عدالته. أنظر إلى قول ابن الخويصرة: " إعدل يا محمد والله ما أردت بهذه القسمة وجه الله " لم يقل له النبي: أنت زنديق أو منافق، قال له:
ويحك من يعدل إن لم أعدل. فهل للصحابي مكانة أعظم من مكانة النبوة؟ فإذا كان سيد البشر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " أنا بشر أصيب وأخطئ " فكيف تعممون العدالة على جميع الصحابة وتعتبرون من يناقشكم بالأمر زنديقا؟
نقض حجة أهل السنة يجمع أهل السنة أو يتظاهرون بالإجماع على القول وبالحرف " إن الرسول حق والقرآن حق وما جاء به النبي حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، فهم الشهود وهؤلاء الذين ينقصون أحدا من الصحابة - أي واحد - يريدون أن يخرجوا شهودنا