ليبطلوا الكتاب والسنة وهؤلاء زنادقة (1)، فمن عابهم أو انتقص منهم فلا تواكلوه ولا تشاربوه ولا تصلوا عليه " (2).
قراءة أولية أولا: الخلط:
القول بأن النبي حق والقرآن حق وما جاء به النبي حق، هذا قول لا غبار عليه ولا اختلاف فيه، وهو قدر مشترك بين كل المسلمين من سنة بمختلف فرقهم ومن شيعته بمختلف فرقها، وهم يتساوون بالانتماء لهذا الدين ولحمل هويته الخالدة.
والدين يتكون من مقطعين: 1 - نبي الله بذاته وقوله وفعله وتقريره، و 2 - كتاب الله المنزل من عند الله. هذا إجماع كل المسلمين، والخلاف منحصر بفهم المقصود الشرعي لهذا الدين، فلا ينبغي الخلط بين الدين وبين مفاهيمنا له. فالدين هو المركز الثابت ومفاهيمنا هي المتحركات والمتغيرات من حوله. فالدين شئ ومفاهيمنا له شئ آخر، هذه المفاهيم عمليا تختلف من فرد إلى فرد، ومن جماعة إلى جماعة حسب درجة العلم وقدرة الفهم والطاقة والتجرد من الهوى. ولو كان مجديا فرض فهم واحد للنص لفرضه الله تعالى ولما كان هنالك داع للإجماع ولما كان هنالك داع للفهم أصلا. فعندما نفهم نصا معينا بفهم ما، ويفهم الآخر النص نفسه بفهم آخر ثم يدعي كل واحد منهما أن فهمه هو المقصود الشرعي، فمعنى ذلك أنه لا بد للاثنين من دراسة النص دراسة ثانية وثالثة... الخ حتى يصلا إلى مفهوم واحد للنص لأن النص الشرعي الواحد له مقصد شرعي واحد وهو عين المقصود الإلهي، إذ لو قلنا بغير ذلك لأضفينا طابع الشرعية على الفرقة والاختلاف، ولذهبت كل جماعة باتجاه مع أن مصلحة الأمة تتحقق بوحدتها لا بفرقتها، ثم إنه لا مصلحة لك ولا مصلحة لي إذا كانت النفوس خالصة لله أن يصح هذا الفهم أو ذاك، إنما مصلحتنا تتحقق بفهم المقصود الإلهي الأمثل والعمل به.