صحت هذه المقولة لما كانت هنالك دواعي لوجود هذا النظام ولا لسلوك منهج التفاضل باعتبار أن الجميع متساوون بالعدالة.
نظام التفاضل في الإسلام تجنبا للخلاف والاختلاف، واستبعادا لدور المزاج والهوى، وتقزيما لأي واقع متجبر سيفرض على الأمة، فقد حدد الإسلام بنصوص قاطعة لا تحتمل الانكار والتأويل الأركان الأساسية لنظام التفاضل في الإسلام وحصرها في خمسة أركان، لتكون مسارب للفضل والعدالة وطرفا لمنازل الخير، وهي التي تحدد موقع الإنسان المسلم وتبين دوره وتحدد حجم اعتباره. وهي مجتمعة تقدم الجواب الشرعي الأمثل لكل سؤال يتعلق بالمنازل والكرامات، وهي بالتالي الطريق الأوحد لمعرفة الأعلم والأفضل والأنسب في كل أمر من الأمور.
فإذا كان الصحابة كلهم بلا استثناء عدول لا فرق بين واحد وآخر، فما الداعي لإيجاد نظام التفاضل في الإسلام؟ وما الداعي لتشريع الحدود ووضع الأحكام؟
أركان التفاضل أو مسارب العدالة باستقراء أحكام العقيدة الإلهية الإسلامية، يتبين لنا أن التفاضل يقوم على خمسة أركان، وهذه الأركان بمثابة موازين أو معايير شرعية تحدد حجم الاعتبار لكل مسلم وتبين منزلته.
الركن الأول والأهم: القرابة الطاهرة، فهم قيادة الأمة السياسية والروحية بعد نبيه الكريم بالنص الشرعي القاطع. أما لماذا هم بالذات؟ هذا فضل الله يؤتيه من يشاء لماذا أنزل الله الوحي على محمد واختاره للرسالة؟ لماذا محمد بالذات؟ لماذا موسى بالذات؟ هذا أمر بيد الله تعالى. هذه القرابة هي مركز الدائرة بالنص وهي سفينة النجاة بالنص، وهم باب حطة بالنص، وهم نجوم الهدى بالنص، وهم الأسبق بالإيمان بالنص، وهم الأتقى بالنص، وهم الأعلم بالنص، وهم الأكثر بلاء بالنص، ومحبتهم مفروضة على الجميع بالنص، وعميدهم في كل زمان هو الإمام الشرعي للأمة وهو مرجعها فالنبي أولا والكتاب ثانيا، والهادي أولا والهداية ثانيا