وانتصر الهاشميون بانتصاره، وهزمت كل بطون قريش وأحيط بها، وأسلمت واعترفت بالنبوة، وأدركت أنها قدر لا مفر ولا محيد عنه. فانصب هدف بطون قريش على مسامحة الهاشميين بالنبوة والإقرار بتفرد الهاشميين بها وحدهم دون أن يشاركهم بها أحد، مقابل أن تأخذ بطون قريش الخلافة وتتداولها في ما بينها، ولا مانع من خروج الرئاسة منهم إلى غير قريش مؤقتا على أن لا تؤول إلى هاشمي، لأنه إذا آلت لبني هاشم فلن تخرج منهم، ويقع المحظور بجمع الهاشميين للخلافة مع النبوة، لكن وقائع التاريخ أثبتت أن الهاشميين هم الفائزون بأي مواجهة.
الترجيح بمرجح لتحقيق الهدف أدركت قريش أن سر الانتصارات المتوالية للهاشميين على بطون قريش، وسر التميز والتفوق الهاشمي يكمن في وجود المرجح الذي ساهم بترجيح الكفة الهاشمية على كفة بطون قريش، فالمرجع للهاشميين في صراعهم ضد بطون قريش هو الله الناصر أولا وأسبابه بالترجيح ثانيا، فإجماع قريش على مقاطعة الهاشميين ظلم صارخ أخل بالتوازن، وتزويد الله للهاشميين بالصبر والأخذ بيدهم وتزويدهم بمن يؤيدهم من صفوف بطون قريش ويطلب فك هذا الحصار مرجح أدى لفشل الحصار.
ومؤامرة قريش لقتل النبي إفساد في الأرض وقتل دون سبب يوجب ذلك، ونوم علي بن أبي طالب في فراش النبي ونجاة النبي واستقراره في يثرب سبب مرجح أدى لفشل مؤامرة القتل.
وتجييش بطون قريش الجيوش ومحاربة النبي وملاحقته بلا كلل ولا ملل تماد بالباطل وإصرار عليه، والتفاف الأنصار حول النبي واحتضانه ومحاربتهم إلى جانبه وجانب الهاشميين سبب مرجح أدى لفشل كل الحروب التي شنتها بطون قريش وأسفر عن هزيمة ساحقة أدت في النهاية لانهيار الزعامة المشركة واستسلامها بالكامل.
التكافؤ والفرصة والموضوعية.
إذا كان هنالك تكافؤ بالفرض بين رأي قريش وبين رأي بني هاشم، فإن الرأي الهاشمي سيسمو على رأي قريش ويثبت أنه الأصوب والأجدر، وإذا كان هنالك فرصة موضوعية لتقرع الحجة بالحجة، فإن الولي من بعد النبي سيفرغ بحجته الباهرة