البرنامج السياسي المتكامل الذي تقدمه تلك العقيدة، وهو بمثابة الاعلان عن جاهزية فكر وفلسفة ومبادئ هذه العقيدة لتوضع كلها موضع المحك والتطبيق وهو يتناول الأهداف والوسائل اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، وكل ذلك يرتبط عمليا بوجود سلطة دولة أو حكم لينقل هذا البرنامج من عالم النظر القانوني إلى عالم الواقع القانوني. وبهذا المفهوم فإن الرأسمالية التحررية عقيدة وإن الماركسية الشيوعية عقيدة.
نوعا العقائد عرفت البشرية نوعين من العقائد: 1 - عقائد إلهية من صنع الله 2 - عقائد وضعية من صنع فرد أو مجموعة من الأفراد أو إن شئت فقل من تجميع فرد أو مجموعة من الأفراد.
صناعة العقائد ولوازم إيجادها ومن يتعمق بالموضوع يكتشف أن بإمكان الإنسان أن يفهم عقيدة - أي عقيدة صالحة كانت أم طالحة - ولكن الإنسان عاجز عن صنع وإيجاد عقيدة صحيحة، وهو بطبعه غير مؤهل لإيجادها، بل ويمكنك القول بكل ارتياح أن الجنس البشري لو اجتمع كله على صعيد واحد لما استطاع أن يصنع عقيدة صحيحة ويقينية، مع أن اجتماع الجنس البشري كله على صعيد واحد غير وارد وغير ممكن، وبالتالي فإيجاد العقيدة الصحيحة أمر فوق مستوى البشر، وفوق طاقتهم لأن هذا يتطلب معرفة يقينية بماضي الجنس البشري وبتفاصيل تجاربه، وهذا ركن أساسي يبنى فوقه، ويتطلب إيجاد العقيدة الصحيحة معرفة يقينية بالفطرة الإنسانية وحاجات الإنسان ودوافعه وميوله، بالإضافة إلى معرفة يقينية بالمستقبل لأنه هو الذي سيشهد زمنيا نجاح أو فشل هذه العقيدة أو تلك، ويتطلب أخيرا معرفة بالكون المحيط بالإنسان معرفة يقينية وهذه المعارف لا يدعيها فرد ولا تدعيها جماعة ولا يدعيها الجنس البشري كله.
فالعقيدة التي يضعها بشر ستنهار عاجلا أم آجلا لسبب بسيط هو أن الإنسان غير مؤهل بطبعه لإيجاد عقيدة. والعقيدة اليقينية التي تصلح أن تكون أساسا دائما للسلطة