فسلم الأنصار وقالوا: لا نبايع إلا عليا، وعلي غائب مشغول وأهل البيت بمصابهم. وبايعت الأكثرية الحاضرة في سقيفة بني ساعدة أبا بكر الصديق وخرج كخليفة، وخرج عمر كنائب للخليفة، وخرج أبو عبيدة كنائب ثان للخليفة، وخرج الذين بايعوه كجيش للخليفة (1).
فوجئ الإمام علي بما جرى، وطلب منه نائب الخليفة وولي عهده عمر بن الخطاب أن يبايع أبا بكر كخليفة للمسلمين، فقال علي مخاطبا أبا بكر وعمر: " إنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي، وتأخذونه منا أهل البيت غصبا؟ ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم، فأعطوكم المقادة وسلموا إليكم الأمارة. وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار. نحن أولى برسول الله حيا وميتا، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون ".
فقال له عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع. فقال له علي: احلب حلبا له شطره، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا. الله الله يا معشر المهاجرين لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به، لأنا أهل البيت ونحن أحق بهذا الأمر ما كان فينا القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله، المضطلع بأمر الرعية، المدافع عنهم الأمور السيئة، القاسم بينهم بالسوية. والله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحق بعدا. فقال بشير بن سعد الأنصاري: لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان (2).
ولما ماتت فاطمة (عليها السلام) أرسل علي إلى أبي بكر أن أقبل إلينا، فأقبل أبو بكر حتى دخل على علي وعنده بنو هاشم. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال، أما بعد