الإسلامية، التي جاءت لتعلم الناس قيم السماء، لا قيم الأرض.
فماذا تكون قيمة أبي هريرة مثلا في ميزان الدين، حتى نعطل البحث بسبب التقديس عن الحقيقة التأريخية. وفي سبيل التغطية على فضائحها، نلجأ لتزوير الحقائق كلها، وهل (أبو هريرة) أصل من أصول العقيدة، حتى يحرم علي محاسبته تأريخيا، والاعتراف بأفعاله القباح! أوليس من الإفك أن نسكت من فضائحه، فتختلط بحقائق الدين، ليكون الإسلام ضحية كل تلك المفاسد.
إن أبا هريرة مثلا ليس شخصية قديمة نستغني عن كشف حقيقتها، لأنه حاضر فينا، وهو (كمبيوتر) معاوية الخاص بالرواية، مع أنه آخر من أسلم، ولم يعش مع الرسول صلى الله عليه وآله طويلا. فمن هو هذا الذي وضع نفسه أو وضعوه هم، راوية لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله في زمن الإمام علي (ع) وإن أمة تميل إلى أبي هريرة وتقوي مروياته، وتترك الإمام علي (ع) وتضعف أحاديثه، هي في حق التاريخ وحق الإنسانية، أقبح أمة يمكن الانتساب إليها! أليس هذا هو واقعنا، إننا لم نعد نجد الإمام علي (ع) إلا في الكتابات المسيحية (2) والاستشراقية، وقل أن تجد من الأمة من أنصف هذا العملاق المجهول. وعندنا كتب النسائي وهو أحد شيوخ الحديث المشهورين لدى السنة كتابا أسماه (خصائص الإمام علي) تلقى بذلك عقابا شديدا وأخضع للسياط، واتهمه بعد ذلك (ابن تيمية) بالتشيع، وصنفه هو وابن عبد البر في الذين تشيعوا بالحديث!!؟.
إن التعامل مع التاريخ، هو تعامل مع مشروع ماضوي منتظم في نظرية قائمة. والنظرية هذه ومع امتداد الزمن اكتسبت أنيابا حادة، تمارس بها تهويلا على الباحث. وبهذه الأنياب، بقي التأريخ لغزا إلى أن كسب قدسيته المطلقة.