ولا أنكر من أن (أبي) قد رباني على حكايات الإفرنج. ومنه تعرفت على الثورة الفرنسية، ولويس 14، ونابليون. قبل أن أعرف عن هجرت محمد صلى الله عليه وآله إلى المدينة، وكل ما ربحت من هذا الوسيط، هو الحرية! أي، دعه يمر، دعه، يعمل! لذلك ما كانوا ليراقبوني وأنا أمر في أنفاق المعتقد. ولكن ماذا؟.
أنا على كل حال، أحمد الله تعالى، إنني لم أنشأ في أسرة تضرب أبناءها إطلاقا، لأن المغاربة لا يعرفون كيف يضربون أبناءهم، هم اليوم أبعد الناس عن العقيدة الصحيحة. هذه الحرية العقدية في بيتي ساعدتني على أن أدخل في معترك الاختيارات الفكرية دون مسبقات.
أريد أن أؤكد مرة ثانية على أن شخصيتي لا تحتاج إلى ترجمة دقيقة. لأنها لا تنسجم مع مقاصد الكتاب. ولكن كل ما يمكن قوله بهذا الصدد هو إنني إنسان مسلم، مهتم بالقضية الدينية، وباحث في الفكر الإنساني عموما، والفكر الإسلامي على وجه الخصوص، وهذا هو الطموح الذي ظل يراودني منذ الصبا، وتجاوزت كل العقبات من أجل تحقيقه. أصولي إسماعيلية، تنحدر من إسماعيل بن جعفر الصادق. لدينا قرابة مع الأدارسة. فهم أبناء عمنا، لأنهم (حسنيون) بينما نحن (حسينيون). حظيت بولادة ميمونة، بمدينة (مولاي إدريس) وهي مدينة صغيرة، تقع قرب (وليلي) مدينة رومانية قديمة. واسم المدينة على (إدريس) وهو بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)، حيث جاءها لاجئا بعد انفلاته من قبضة العباسيين على أثر معركة (فخ)، ولم يكن المغاربة ليزهدوا في واحد يحمل شرف بيت النبوة، إذ سرعان ما تنازلوا له عن الحكم فصار حاكما للمغرب. وله الآن فيها ضريح مثل ما لابنه ضريح في مدينة (فاس).
تشد إليه الرحال، وينظم حوله (البربر) خلال كل سنة، موسما، ملأه الأهازيج والأفراح!.
ومنذ ذلك العهد، لم يكن المغرب يحمل نصبا لتراث آل البيت (ع).