الدم. وهذا بالذات الذي أردنا تقريبه من ذهن القارئ بخصوص السكوت عن نص الغدير، فيما تقدم.
وإذا كان عمر، يعلم نفسيات هؤلاء الستة وعواطفهم وطموحاتهم فإنه بلا شك قد رشح عثمان بن عفان للخلافة أو أنه كان يعلم أن الأكثرية من هؤلاء الستة لا يرضون بعلي وإلا لماذا وبأي حق يرجح كفة عبد الرحمن بن عوف على علي بن أبي طالب والحال أن المسلمين منذ وجدوا وحتى اليوم إنما يتنازعون في أفضلية علي وأبي بكر ولم نسمع أحدا يقارن عليا بعبد الرحمن بن عوف.
وهنا أقف وقفة لا بد منها، لأسأل أهل السنة والجماعة القائلين بمبدأ الشورى وأهل الفكر الحر كافة، أسأل كل هؤلاء كيف توفقون بين الشورى بمعناها الإسلامي وبين هذه الفكرة التي إن دلت على شئ فإنما تدل على الاستبداد بالرأي، لأنه هو الذي اختار هؤلاء النفر وليس المسلمون، وإذا كان وصوله للخلافة فلتة فبأي حق يفرض على المسلمين أحد هؤلاء الستة؟!
والذي يبدو لنا أن عمر يرى الخلافة حقا من حقوق المهاجرين وحدهم وليس من حق أحد أن ينازعهم هذا الأمر، بل أكثر من هذا يعتقد عمر كما يعتقد أبو بكر بأن الخلافة ملك لقريش وحدها، إذ في المهاجرين من ليسوا من قريش، بل فيهم من ليسوا من العرب، فلا يحق لسلمان الفارسي ولا لعمار بن ياسر، ولا لبلال الحبشي ولا لصهيب الرومي ولا لأبي ذر الغفاري ولا لألوف الصحابة الذين ليسوا من قريش أن يتصدوا للخلافة.
وليس هذا مجرد ادعاء! حاشا وكلا، بل هي عقيدتهم التي سجلها التاريخ والمحدثون من أفواههم فلنعد إلى نفس الخطبة التي أخرجها البخاري ومسلم في صحيحيهما:
يقول عمر بن الخطاب: أردت أن أتكلم وكنت زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر