" أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلبوا ملأ القعب دما عبيطا وزعافا مبيدا، هناك يخسر المبطلون ويعرف التالون غب ما أمسه الأولون، ثم طيبوا عن دنياكم أنفسا واطمئنوا للفتنة جأشا، وأبشروا بسيف صارم وسطوة معتد غاشم وهرج شامل، واستبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيدا، وجمعكم حصيدا، فيا حسرة لكم، وأنى بكم، وقد عميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون " (1).
صدقت سيدة النساء فيما تنبأت به وهي سليلة النبوة ومعدن الرسالة، وقد تجسدت أقوالها في حياة الأمة ومن يدري لعل الذي ينتظرها أبشع مما انفضى، ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم.
العنصر المهم في البحث * بقي عنصر واحد مهم في كل هذا البحث يستحق العناية والدرس، وربما هو الاعتراض الوحيد الذي كثيرا ما يثار عندما يفحم المعاندون بالحجج الدامغة فتراهم يلجأون إلى الاستغراب واستبعاد أن يكون قد حضر تنصيب الإمام علي مائة ألف صحابي ثم يتواطئون كلهم على مخالفته والإعراض عنه وفيهم خيرة الصحابة وأفضل الأمة! وهذا ما وقع لي بالذات عند اقتحام البحث، فلم أصدق ولا يمكن لأحد أن يصدق إذا ما طرحت القضية بهذا الطرح، ولكن عندما ندرس القضية من جميع الجوانب يزول الاستغراب لأن المسألة ليست كما نتصورها أو كما يعرضها أهل السنة فحاشى أن يكون مائة ألف صحابي خالفوا أمر الرسول، فكيف وقعت الواقعة إذن؟