الناس حتى لا يقولوا بموته (1) وذلك لئلا يتسابق الناس لبيعة علي، وشيد بيعة أبي بكر وحمل الناس عليها بالقهر وهدد كل من تخلف بالقتل (2) كل ذلك في سبيل إبعاد علي عن الخلافة، فكيف يرضى أن يقول قائل: بأنه سيبايع فلانا لو قد مات عمر، وخصوصا بأن هذا القائل (الذي بقي اسمه مجهولا ولا شك أنه من عظماء الصحابة) يحتج بما فعله عمر نفسه في بيعته لأبي بكر إذ يقول: فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت. أي أنها بالرغم من كونها وقعت على حين غفلة من المسلمين وبدون مشورة منهم فقد تمت وأصبحت حقيقة ولذا جاز لعمر أن يفعلها مع أبي بكر فكيف لا يجوز له أن يفعلها هو بنفس الطريقة مع فلان - ونلاحظ هنا أن ابن عباس و عبد الرحمن بن عوف وعمر بن الخطاب يتحاشون ذكر اسم هذا القائل كما يتحاشون ذكر اسم الذي يريد بيعته، ولما كان لهذين الشخصين أهمية كبيرة لدى المسلمين نرى أن عمر غضب لهذه المقالة وبادر في أول جمعة بأن خطب الناس وأثار موضوع الخلافة بعده وطلع عليهم برأيه الجديد فيها، حتى يقطع الطريق على هذا الذي يريد إعادة الفلتة لأنها ستكون لصالح خصمه، على أننا فهمنا من خلال البحث بأن هذه المقالة ليست رأي فلان وحده وإنما هي رأي كثير من الصحابة ولذلك يقول البخاري: فغضب عمر ثم قال:
إنني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذر هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم.. (3).
فتغيير عمر لرأيه في البيعة كان معارضة لهؤلاء الذين يريدون أن يغصبوا الناس أمورهم ويبايعوا عليا، وهذا ما لا يرضاه عمر لأنه يعتقد بأن الخلافة هي من أمور الناس وليست حقا لعلي بن أبي طالب وإذا كان هذا الاعتقاد صحيحا فلماذا أجاز هو لنفسه أن يغصب الناس أمورهم بعد موت النبي صلى الله عليه