تأخذه في الله لومة لائم، ولا يثني عزمه من حطام الدنيا شئ - وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلم ذلك علم اليقين وكان في كل مناسبة يشيد بفضائل أخيه وابن عمه لكي يحببه إليهم فيقول: حب علي إيمان وبغضه نفاق (1) - ويقول علي مني وأنا من علي (2) ويقول علي ولي كل مؤمن بعدي (3) - ويقول علي باب مدينة علمي وأبو ولدي (4) ويقول: علي سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين (5).
ولكن مع الأسف ما زادهم ذلك إلا حسدا وحقدا ولذلك استدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته فعانقه وبكى، وقال له: يا علي: إني أعلم أن لك ضغائن في صدور قوم سوف يظهرونها لك بعدي. فإن بايعوك فاقبل وإلا فاصبر حتى تلقاني مظلوما (6) فإذا كان أبو الحسن سلام الله عليه لزم الصبر بعد بيعة أبي بكر فذلك بوصية الرسول له وفي ذلك من الحكمة ما لا يخفى.
خامسا - أضف إلى كل ما سبق أن المسلم إذا ما قرأ القرآن الكريم وتدبر آياته يعرف من خلال قصصه التي تناولت الأمم والشعوب السابقة أنه وقع فيهم أكثر مما وقع فينا، فها هو قابيل يقتل أخاه هابيل ظلما وعدوانا وها هو نوح جد الأنبياء بعد ألف سنة من الجهاد لم يتبعه من قومه إلا القليل وكانت امرأته وابنه من الكافرين، وها هو لوط لم يوجد في قريته غير بيت من المؤمنين، وها هم الفراعنة الذين استكبروا في الأرض واستعبدوا الناس لم يكن فيهم غير مؤمن يكتم إيمانه،