ليت عمر بن الخطاب كان على هذا الرأي يوم السقيفة ولم يستبد على المسلمين ببيعته لأبي بكر التي كانت فلتة وقى الله شرها كما شهد هو بذلك.
ولكن أنى لعمر أن يكون على هذا الرأي الجديد لأنه حكم على نفسه وعلى صاحبه بالقتل إذ يقول في رأيه الجديد: " من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا ".
بقي علينا أن نعرف لماذا غير عمر رأيه في آخر حياته بالرغم من أنه يعرف أكثر من غيره بأنه برأيه الجديد نسف بيعة أبي بكر من أساسها إذ أنه هو الذي سبق لبيعته من غير مشورة من المسلمين فكانت فلتة، ونسف أيضا بيعته هو لأنه وصل للخلافة بنص أبي بكر عليه عند الموت من غير مشورة من المسلمين حتى أن بعض الصحابة دخلوا على أبي بكر مستنكرين عليه أن يولي عليهم فضا غليظا (1)، ولما خرج عمر ليقرأ على الناس كتاب أبي بكر سأله رجل: ما في الكتاب يا أبا حفص؟ قال: لا أدري، ولكني أول من سمع وأطاع، قال الرجل: لكني والله أدري ما فيه: أمرته عام أول، وأمرك العام (2).
وهذا نظير قول الإمام علي لعمر (عندما رآه يحمل الناس قهرا لبيعة أبي بكر) أحلب حلبا لك شطره، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا.. (3).
والمهم أن نعرف لماذا غير عمر رأيه في البيعة! أكاد أعتقد بأنه سمع بأن بعض الصحابة يريد بيعة علي بن أبي طالب بعد موت عمر وهذا ما لا يرضاه عمر أبدا وهو الذي عارض النصوص الصريحة وعارض أن يكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الكتاب (4) لأنه عرف فحواه حتى اتهمه بالهجر وخوف