والشورى)، نراه عندما شارف على الوفاة أسرع إلى تعيين عمر بن الخطاب خليفة له! دون استعمال طريقة الشورى. وهذا عمر بن الخطاب الذي ساهم في تأسيس خلافة أبي بكر نراه - بعد وفاة أبي بكر يعلن على الملأ بأن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله المسلمين شرها (1).
ثم بعد ذلك نرى أن عمرا عندما طعن وأيقن بدنو أجله عين ستة أشخاص ليختاروا بدورهم واحدا منهم ليكون خليفة، وهو يعلم علم اليقين أن هؤلاء النفر على قلتهم سيختلفون رغم الصحبة والسبق للإسلام والورع والتقوى فستثور فيهم العواطف البشرية التي لا ينجو منها إلا المعصوم، ولذلك نراه - لحسم الخلاف - رجح كفة عبد الرحمن بن عوف فقال: إذا اختلفتم فكونوا في الشق الذي فيه عبد الرحمن بن عوف ونرى بعد ذلك بأنهم اختاروا الإمام عليا ليكون خليفة ولكنهم اشترطوا عليه أن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله وسنة الشيخين أبي بكر وعمر وقبل علي كتاب الله وسنة رسوله ورفض سنة الشيخين (2) وقبل عثمان هذه الشروط فبايعوه بالخلافة. وقال علي في ذلك:
" فيا لله وللشورى متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر، لكني أسففت إذا أسفوا وطرت إذ طاروا، فصغى رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن... " (3).
وإذا كان هؤلاء وهم نخبة المسلمين وهم خاصة الخاصة تلعب بهم العواطف فيكون فيهم الحقد وتكون فيهم العصبية بين هن وهن (يقول محمد عبده في شرحه لهذه الفقرة: يشير الإمام علي إلى أغراض أخرى يكره ذكرها) فعلى الدنيا بعد ذلك السلام.