قد مر عليك موقف مروان في حصار الخليفة، فكلما أعلن الخليفة توبته أمام الملأ وبكى وندم على ما كان فعل دخل عليه مروان فلم يزل يفتله في الذروة والغارب حتى فتله عن رأيه وأزاله عما كان يريد، ولا نبالغ إذا قلنا إن ابن الحكم كان ساعيا في قتل الخليفة.
قال الأميني (1):
إن الطريد ابن الطريد، أو قل عن لسان النبي الأمين: " الوزغ ابن الوزغ، اللعين ابن اللعين "، مروان بن الحكم كان يؤثر في نفسيات الخليفة حتى يحوله كما قال مولانا أمير المؤمنين عن دينه وعقله، ويجعله مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به. فلم يزل به حتى أربكه عند منتقض العهود ومنتكث المواثيق، فأورده مورد الهلكة. وعجيب من الخليفة أن يتأثر بتسويلات الرجل وهو يعلم محله من الدين وموقفه من الإيمان، ومبوأه من الصدق والأمانة، وهو يعلم أنه هو وزبانيته هم الذين جروا عليه الويلات وأركبوه النهابير، وأنهم سيوردونه ثم لا يصدرونه، يعلم ذلك كله وهو بين الناب والمخلب وفي منصرم الحياة، ومع ذلك كله لا يزال مقيما على هاتيك الوساوس المروانية، فيا للعجب.
وأعجب من ذلك أنه مع هذا التأثر يتخذ نصح الناصحين له كمولانا أمير المؤمنين عليه السلام وكثير من الصحابة العدول بأعتاب الناس