قالت لعبيد الله بن كلاب الذي أخبرها بذلك: " والله ليت هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك، ويحك أنظر ما تقول " فقال لها عبيد: هو ما قلت لك يا أم المؤمنين. فولولت، فقال لها: ما شأنك يا أم المؤمنين، والله ما أعرف أحدا أولى بها منه، فلماذا تكرهين ولايته؟ وصاحت أم المؤمنين:
ردوني، ردوني. فانصرفت إلى المدينة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلوما، والله لأطلبن بدمه! فقال لها عبيد: ولم؟ فوالله أول من أحال صرفه لأنت، فقد كنت تقولين " اقتلوا نعثلا فقد كفر "، قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأول، فانصرفت إلى مكة فنزلت على باب المسجد واجتمع الناس إليها وقالت: يا أيها الناس، إن عثمان قتل مظلوما، والله لأطلبن بدمه (١).
وقد وافق غضب أم المؤمنين عائشة غضب طلحة والزبير بعد أن استرد الإمام علي عليه السلام عهد ولايتي اليمن والبحرين منهما، فنكثا عهديهما للإمام علي عليه السلام، وذهبا إلى مكة يحثون أم المؤمنين للسير إلى قتال علي، فخرجوا وقد سار معهم جيش كبير بقيادة أم المؤمنين متوجهين نحو البصرة حيث دارت رحى معركة عرفت باسم (معركة الجمل)، وقد كان الظفر فيها بجانب جيش الإمام وقتل فيها طلحة والزبير وثلاثة عشر ألفا من المسلمين، وكل هؤلاء ذهبوا ضحية دعوة أم المؤمنين بالاقتصاص من قتلة عثمان والذين ادعت أنهم اندسوا في جيش الإمام.
ومهما يكن الأمر، أولم يكن الأجدر بها أن تدع كل ذلك لولي الأمر؟
وخصوصا أن الله تعالى أمرها ﴿وقرن في بيوتكن﴾ (2). وما هي وذاك؟
فعثمان رجل من بني أمية، وهي من تيم. إلا إذا كان لخروجها سبب آخر غير ذلك!؟
وبالرغم من أن واقع هذه الحادثة يجيب على هذه التساؤلات بوضوح