ومن الرواية أعلاه يظهر أن الخليفة عمر قد جعل الترشيح بيد عبد الرحمن بن عوف، وهذه صورة ثالثة من صور الشورى التي يقولون بها، وقد أمر الخليفة عمر عبد الرحمن بن عوف أن يشترط فيمن يبايع له العمل بسيرة الشيخين - أبو بكر وعمر - بالإضافة إلى العمل بكتاب الله وسنة نبيه.
وكما كان متوقعا، فقد انقسم الستة إلى ثلاثين ومرشحين " فأما الثلاثة في الطرف الأول هم علي وطلحة والزبير ومرشحهم هو علي، وأما الثلاثة في الطرف الآخر فكانوا سعد وعثمان وطلحة ومرشحهم هو عثمان. وقد رفض الإمام علي عليه السلام شرط العمل بسيرة الشيخين حيث قال: " أعمل بكتاب الله وسنة نبيه واجتهادي " (1) بينما وافق عثمان على ذلك الشرط، فآلت إليه الخلافة تبعا لذلك.
وقد أخرج البخاري جزءا من هذه الحادثة في صحيحه، فبالرواية عن الحسور بن مخرمة قال: " طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل فضرب الباب حتى استيقظت فقال: أراك نائما، فوالله ما اكتحلت هذه الثلاث بكثير نوم، انطلق فادع لي الزبير وسعدا فدعوتهما له فشاورهما ثم دعاني فقال:
ادع لي عليا فدعوته فناجاه حق أبهار الليل، ثم قام علي من عنده وهو على طمع. ثم قال: ادع لي عثمان، فدعوته، فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح، فلما صلى بالناس الصبح واجتمع أولئك الرهط عند المنبر فأرسل إلى من كان حاضرا هن المهاجرين والأنصار وأرسل إلى أمراء الأجناد وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر. فلما اجتمعوا، تشهد عبد الرحمن ثم قال: أما بعد، يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أراهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلا. فقال (عثمان): أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده، فبايعه عبد الرحمن وبايعه الناس " (2).
وهكذا فإنه بوضع الخليفة عمر شرط قبول من يبايع له العمل بسيرة