يغضب الله لغضبها وهي سيدة نساء المؤمنين وأهل الجنة، وقد طهرها الله تعالى من كل إثم ورجس كما مر سابقا، وكما أخرج البخاري في صحيحه أن الرسول (ص) قال:
" يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة " (1).
" فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني " (2).
" فاطمة سيدة نساء أهل الجنة " (3).
وحتى لو سلمنا أن فاطمة عليها السلام كانت كسائر النساء وليس لها كل تلك الميزات - كما في الروايات أعلاه - فإن كونها ابنة لمعلم البشرية وزوجة لأمير المؤمنين علي عليه السلام والذي شهدوا له بأنه أقضاهم - أي أعلمهم - ينفي عنها أي احتمالية لجهل، ذلك أنه لو كانت فاطمة عليها السلام تطالب بما ليس حقا لها وأن الرسول صلى الله عليه وآله لا يورث - على حد رأي أبي بكر - فإن أي من أبيها أو زوجها كان الأجدر أن يعلمها بذلك، وخصوصا أن غضبها على أبي بكر دام لستة شهور وهذه الفترة هي كل ما عاشته فاطمة بعد رحيل المصطفى صلى الله عليه وآله.
ولكن هيهات أن تكون فاطمة والعياذ بالله كذلك، حيث أنه لما بلغها منع أبي بكر حقها في فدك وما أفاء الله على أبيها بالمدينة وخمس خيبر، ذهبت إليه وهو في حشد من المهاجرين والأنصار، وخطبت فيهم ما أجهش له القوم بالبكاء، ونقتطف من خطبتها تلك: "... وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا ولاحظ - أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون - ويها معشر المسلمة، أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا - ثم تلت عليهم - (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله