هذه الدنيا، كان عمر بن الخطاب يعلن إنكاره لوفاة الرسول صلى الله عليه وآله، ويهدد كل من يقول ذلك بالقتل، ولم يكن يصدق بوفاته حتى رجع أبو بكر من مكان خارج المدينة يدعى السنخ، كما ذكر ذلك البخاري في صحيحه بسنده عن عائشة (رض): " إن رسول الله (ص) مات وأبو بكر بالسنح، قال إسماعيل: تعني بالعالية، فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله (ص)، قالت: وقال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم، فجاءه أبو بكر، فكشف عن رسول الله (ص) فقبله، فقال: بأبي أنت وأمي، طبت حيا وميتا، والله الذي نفسي بيده، لا يذيقك الله الموتتين أبدا، ثم خرج فقال: أيها الحالف على رسلك " (1).
أما الأنصار فقد اجتمعوا في سقيفتهم " سقيفة بني ساعدة " ورشحوا سعد بن عبادة ليكون خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، وعندما علم كبار المهاجرين (أبو بكر وعمر وأبو عبيدة) بذلك، ذهبوا إليهم على الفور وأعلنوا أنهم أحق بالأمر، ودار حوار بين المهاجرين والأنصار اشتد فيه الجدل والنزاع، وقد وقف زعيم الأنصار سعد بن عبادة قائلا: " أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم معشر المهاجرين رهط، وقد دفت دافة من قومكم، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا، وأن يحضنونا من الأمر " (2).
فقام أبو بكر وألقى خطابا ذكر فيه فضل المهاجرين، واحتج بقرشيتهم في أحقيتهم، بالخلافة كما ذكر ذلك البخاري في صحيحه: فذهب إليهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر (3)... فقال أبو بكر: لا، ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء، هم