الخطاب بعد ذلك، فقال له: هنيئا لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة " (1).
إن هذا الحديث اشتهر باسم " حديث الغدير " نسبة إلى وقوع هذه الحادثة في مكان يسمى " غدير خم " قرب مكة، وهو مما لا يستطيع أحد أن يشكك في روايته، حيث إنه روي في كثير من كتب الحديث عند أهل السنة، وحتى أن بعض العلماء قد أخرج له أكثر من 80 طريقا من طرق أهل السنة فقط.
ويظهر من الأحاديث السابقة أن الرسول صلى الله عليه وآله قد أشهد المسلمين على ولايته عليهم عندما سألهم: " ألستم تعلمون بأني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟... ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ " ويفهم أنه من يمتلك صفة (أولى بالمؤمنين من أنفسهم) لا بد وأن يكون قائدا للمؤمنين كما كان فعلا الرسول صلى الله عليه وآله قائدا، وعندما قرن بينه وبين علي عليه السلام بهذه الصفة بقوله: " من كنت مولاه فعلي مولاه " يكون قد أعطى صفة القيادة من بعده لعلي عليه السلام. والشيعة يحتفلون كل عام في الثامن عشر من ذي الحجة بهذه المناسبة ويسمونها بعيد الغدير.
وأما أهل السنة فقد حملوا هذا الحديث على غير ذلك، وقالوا بأنه لا يدل على الخلافة، وفسروا كلمة مولى بالمحب أو الصديق لا ولي الأمر، وبذلك يكون معنى هذا الحديث على رأيهم أنه " من كنت صديقه فهذا علي صديقه "!!
والحقيقة أن كلمة " مولى " تأتي بمعاني عديدة في اللغة العربية، وحتى قيل إن لها سبعة عشر معنى من ضمنها " معتق " أو " الخادم "، لذلك فإن كلمة مولى في هذا الحديث تفهم بالإضافة إلى ما سبق من خلال قرائن كثيرة أنها تدل على القيادة، ومن هذه القرائن: