ثم اهتديت - الدكتور محمد التيجاني - الصفحة ٨٣
المسكين فاقد الوعي بضع دقائق وانهال عليه الجندي ضربا وسبا وشتما، ورق قلبي لذلك الشيخ وظننت أنه مات ودفعني فضولي وأخذتني الحمية وقلت للجندي: حرام عليك لماذا تضربه وهو يصلي؟ فانتهرني قائلا: أسكت أنت ولا تتدخل حتى لا أصنع بك مثله.
ولما رأيت في عينيه الشر تجنبته وأنا ساخط على نفسي العاجزة عن نصرة المظلوم، وعلى السعوديين الذين يفعلون بالناس ما بدا لهم بدون رادع ولا وازع ولا من ينكر عليهم، وكان بعض الزائرين حاضرا فمنهم من حوقل (1) ومنهم من قال: إنه يستحق ذلك لأنه يصلي حول القبور وهو محرم، فلم أتمالك وانفجرت على هذا المتكلم قائلا: من قال لك أن الصلاة حول القبور حرام؟ أجابني: قد نهى رسول الله عن ذلك.
فقلت بدون وعي: تكذبون على رسول الله، وخشيت أن يتألب علي الحاضرون أو ينادوا الجندي فيفتك بي، فتلطفت قائلا: إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله قد نهى عن ذلك فلماذا يخالف نهيه الملايين من الحجاج والزوار ويرتكبون حراما لأنهم يصلون حول قبر النبي وقبر أبي بكر وقبر عمر في المسجد النبوي الشريف، وفي مساجد المسلمين في كل العالم الإسلامي، وعلى افتراض أن الصلاة حول القبور حرام، أفبهذه الغلظة والشدة نعالجها؟ أم باللين واللطف، واسمحوا لي أن أروي لكم قصة ذلك الأعرابي الذي بال في مسجد رسول الله بحضرته وبحضرة أصحابه بدون حياء ولا خجل، ولما قام إليه بعض الصحابة شاهرين سيوفهم ليقتلوه، نهاهم رسول الله صلى الله عليه وآله ومنعهم وقال:
(دعوه ولا تزرموه وهريقوا على بوله دلوا من الماء، إنما بعثتم لتيسروا لا لتعسروا، لتبشروا لا لتنفروا) وما كان من الصحابة إلا أن امتثلوا أمره، ونادى رسول الله الأعرابي وأجلسه إلى جانبه ورحب به ولاطفه وأفهمه أن ذلك المكان هو بيت الله ولا يمكن تنجيسه فأسلم الأعرابي ولم ير بعد ذلك إلا وهو آت المسجد في أحسن ثيابه وأطهرها، وصدق الله العظيم إذ يقول لرسوله: (ولو كنت فظا

(1) حوقل: قال لا حول ولا قوة إلا بالله.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الإهداء 5
2 ديباجة 7
3 لمحة وجيزة من حياتي 9
4 الحج إلى بيت الله الحرام 13
5 الرحلة الموفقة 21
6 في مصر 23
7 لقاء في الباخرة 27
8 زيارة العراق لأول مرة 33
9 عبد القادر الجيلاني وموسى الكاظم 35
10 الشك والتساؤل 43
11 السفر إلى النجف 49
12 لقاء العلماء 53
13 لقاء مع السيد محمد باقر الصدر 61
14 الشك والحيرة 71
15 السفر إلى الحجاز 77
16 بداية البحث 78
17 بداية الدراسة المعمقة - الصحابة عند السنة والشيعة 89
18 1 - الصحابة في صلح الحديبية 93
19 2 - الصحابة ورزية يوم الخميس 95
20 3 - الصحابة في سرية أسامة 100
21 أولا - رأي القرآن في الصحابة 111
22 1 - آية محمد رسول الله 112
23 2 - آية الانقلاب 113
24 3 - آية الجهاد 115
25 4 - آية الخشوع 117
26 ثانيا - رأي الرسول في الصحابة 119
27 1 - حديث الحوض 119
28 2 - حديث اتباع اليهود والنصارى 120
29 3 - حديث البطانتين 123
30 4 - حديث التنافس على الدنيا 124
31 ثالثا - رأي الصحابة بعضهم في بعض 127
32 1 - شهادتهم على أنفسهم يتغير سنة النبي 127
33 2 - الصحابة غيروا حتى في الصلاة 130
34 3 - الصحابة يشهدون على أنفسهم 132
35 4 - شهادة الشيخين على نفسيهما 134
36 بداية التحول 147
37 محاورة مع عالم 149
38 أسباب الاستبصار 161
39 1 - النص على الخلافة 161
40 2 - خلاف فاطمة مع أبي بكر 164
41 3 - علي أولى بالاتباع 167
42 4 - الأحاديث الواردة في علي توجب اتباعه 172
43 الأحاديث الصحيحة التي توجب اتباع أهل البيت 179
44 1 - حديث الثقلين 179
45 2 - حديث السفينة 189
46 3 - حديث من سره أن يحيا حياتي 191
47 مصيبتنا في الاجتهاد مقابل النصوص 197
48 من الذي أطلق مصطلح أهل السنة والجماعة؟ 203
49 دعوة أصدقاء للبحث 205
50 هدى الحق 211