ثم اهتديت - الدكتور محمد التيجاني - الصفحة ٧٢
الذي استحت منه ملائكة الرحمن والذي جهز جيش العسرة وسماه رسول الله بذي النورين، فكيف يجهل إخواننا الشيعة كل هذا أو يتجاهلونه ويجعلون من هؤلاء أشخاصا عاديين تميل بهم الأهواء والأطماع الدنيوية عن اتباع الحق فيعصون أوامر الرسول بعد وفاته وهم الذين كانوا يتسابقون لتنفيذ أوامره فيقتلون أولادهم وآباءهم وعشيرتهم في سبيل عزة الإسلام ونصرته، والذي يقتل أباه وولده طاعة لله ورسوله لا يمكن أن تغره أطماع دنيوية زائلة هي اعتلاء منصة الخلافة فيتجاهل أمر رسول الله ويتركه ظهريا.
نعم من أجل كل هذا ما كنت لأصدق الشيعة في كل ما يقولون رغم أني اقتنعت بأمور كثيرة، وبقيت بين الشك والحيرة، الشك الذي أدخله علماء الشيعة في عقلي لأن كلامهم معقول ومنطقي، والحيرة التي غمرتني فلم أصدق أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم ينزلون إلى هذا المستوى الأخلاقي فيصبحون بشرا عاديين مثلنا، لم تصقلهم أنوار الرسالة ولم يهذبهم الهدى المحمدي؟ يا إلهي كيف يكون ذلك؟ أيمكن أن يكون الصحابة على هذا المستوى الذي يقول به الشيعة؟ والمهم هو أن هذا الشك وهذه الحيرة هما بداية الوهن وبداية الاعتراف بأن هناك أمورا مستورة لا بد من كشفها للوصول إلى الحقيقة.
جاء صديقي منعم وسافرنا إلى كربلاء، وهناك عشت محنة سيدنا الحسين كما يعيشها شيعته وعلمت وقتئذ بأن سيدنا الحسين لم يمت، فالناس يتزاحمون ويتراصون حول ضريحه كالفراشات ويبكون بحرقة ولهفة لم أشهد لهما مثيلا، فكأن الحسين استشهد الآن، وسمعت الخطباء هناك يثيرون شعور الناس بسردهم لحادثة كربلا في نواح ونحيب، ولا يكاد السامع لهم أن يمسك نفسه ويتماسك حتى ينهار، فقد بكيت وبكيت وأطلقت لنفسي عنانها وكأنها كانت مكبوتة، وأحسست براحة نفسية كبيرة ما كنت أعرفها قبل ذلك اليوم، وكأني كنت في صفوف أعداء الحسين وانقلبت فجأة إلى أصحابه وأتباعه الذين يفدونه بأرواحهم، وكان الخطيب يستعرض قصة الحر وهو أحد القادة المكلفين بقتال الحسين، ولكنه وقف في المعركة يرتعش كالسعفة ولما سأله بعض أصحابه:
أخائف أنت من الموت أجابه الحر، لا والله ولكنني أخير نفسي بين الجنة والنار ثم
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الإهداء 5
2 ديباجة 7
3 لمحة وجيزة من حياتي 9
4 الحج إلى بيت الله الحرام 13
5 الرحلة الموفقة 21
6 في مصر 23
7 لقاء في الباخرة 27
8 زيارة العراق لأول مرة 33
9 عبد القادر الجيلاني وموسى الكاظم 35
10 الشك والتساؤل 43
11 السفر إلى النجف 49
12 لقاء العلماء 53
13 لقاء مع السيد محمد باقر الصدر 61
14 الشك والحيرة 71
15 السفر إلى الحجاز 77
16 بداية البحث 78
17 بداية الدراسة المعمقة - الصحابة عند السنة والشيعة 89
18 1 - الصحابة في صلح الحديبية 93
19 2 - الصحابة ورزية يوم الخميس 95
20 3 - الصحابة في سرية أسامة 100
21 أولا - رأي القرآن في الصحابة 111
22 1 - آية محمد رسول الله 112
23 2 - آية الانقلاب 113
24 3 - آية الجهاد 115
25 4 - آية الخشوع 117
26 ثانيا - رأي الرسول في الصحابة 119
27 1 - حديث الحوض 119
28 2 - حديث اتباع اليهود والنصارى 120
29 3 - حديث البطانتين 123
30 4 - حديث التنافس على الدنيا 124
31 ثالثا - رأي الصحابة بعضهم في بعض 127
32 1 - شهادتهم على أنفسهم يتغير سنة النبي 127
33 2 - الصحابة غيروا حتى في الصلاة 130
34 3 - الصحابة يشهدون على أنفسهم 132
35 4 - شهادة الشيخين على نفسيهما 134
36 بداية التحول 147
37 محاورة مع عالم 149
38 أسباب الاستبصار 161
39 1 - النص على الخلافة 161
40 2 - خلاف فاطمة مع أبي بكر 164
41 3 - علي أولى بالاتباع 167
42 4 - الأحاديث الواردة في علي توجب اتباعه 172
43 الأحاديث الصحيحة التي توجب اتباع أهل البيت 179
44 1 - حديث الثقلين 179
45 2 - حديث السفينة 189
46 3 - حديث من سره أن يحيا حياتي 191
47 مصيبتنا في الاجتهاد مقابل النصوص 197
48 من الذي أطلق مصطلح أهل السنة والجماعة؟ 203
49 دعوة أصدقاء للبحث 205
50 هدى الحق 211