سيدنا عمر بن الخطاب يعترض على أمر رسول الله ويرميه بالهجر، وظننت بادئ الأمر أن الرواية هي من كتب الشيعة، وازدادت دهشتي وحيرتي عندما رأيت العالم الشيعي ينقلها من صحيح البخاري وصحيح مسلم، وقلت في نفسي (إن وجدت هذا في صحيح البخاري فسيكون لي رأي).
وسافرت إلى العاصمة ومنها اشتريت صحيح البخاري وصحيح مسلم ومسند الإمام أحمد وصحيح الترمذي وموطأ الإمام مالك وغيرها من الكتب الأخرى المشهورة، ولم أنتظر الرجوع إلى البيت فكنت طوال الطريق بين تونس وقفصة وأنا راكب في حافلة النقل العمومية أتصفح كتاب البخاري وأبحث عن رزية يوم الخميس متمنيا أن لا أعثر عليها، ورغم أنفي وجدتها وقرأتها مرات عديدة فكانت كما نقلها السيد شرف الدين، وحاولت تكذيب الحادثة برمتها واستبعدت أن يقوم سيدنا عمر بذلك الدور الخطير ولكن أنى لي تكذيب ما ورد في صحاحنا وهي صحاح أهل السنة والجماعة التي ألزمنا بها أنفسنا وشهدنا بصحتها، والشك فيها، أو تكذيب بعضها يستلزم طرحها لأنه هو الآخر يستلزم طرح كل معتقداتنا، ولو كان العالم الشيعي ينقل من كتبهم ما كنت لأصدق أبدا، وأما أن ينقل من صحاح أهل السنة التي لا مجال للطعن فيها، وقد أخذنا على أنفسنا بأنها أصح الكتب بعد كتاب الله فيصبح الأمر ملزما وإلا استلزم الشك في هذه الصحاح وعند ذلك لا يبقى معنا من أحكام الإسلام شئ نعتمده، لأن الأحكام التي وردت في كتاب الله جاءت مجملة غير مفصلة، ولأننا بعيدون عن عصر الرسالة وقد ورثنا أحكام ديننا أبا عن جد عن طريق هذه الصحاح، فلا يمكن بحال من الأحوال طرح هذه الكتب.
وأخذت على نفسي عهدا وأنا أدخل هذا البحث الطويل العسير، أن أعتمد الأحاديث الصحيحة التي اتفق عليها السنة والشيعة، وأن أطرح الأحاديث التي انفرد بها فريق دون الآخر، وبهذه الطريقة المعتدلة، أكون قد ابتعدت عن المؤثرات العاطفية، والتعصبات المذهبية والنزعات القومية أو الوطنية، وفي الوقت نفسه أقطع طريق الشك لأصل إلى حبل اليقين وهو صراط الله المستقيم.