بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
سافرت إلى المدينة المنورة محملا برسالة من صديقي بشير إلى أحد أقربائه لكي أقيم عنده مدة بقائي هناك، وقد كلمه من قبل بالهاتف، واستقبلني هذا الأخير ورحب بي وأنزلني في بيته وتوجهت فور وصولي إلى زيارة رسول الله، فاغتسلت وتطيبت، ولبست أحسن ثيابي وأطهرها، وكان الزوار قليلين بالنسبة إلى موسم الحج فتمكنت من الوقوف أمام قبر رسول الله وأبي بكر وعمر، ولم أكن أتمكن من ذلك في موسم الحج لكثرة الازدحام، وحاولت عبثا أن أمس أحد الأبواب للتبرك، فانتهرني الحرس الواقف هناك، وكان على كل باب حرس يحرسه، ولما أطلت الوقوف للدعاء وإبلاغ السلام الذي حملني إياه أصدقائي، أمرني الحراس بالانصراف، وحاولت أن أتكلم مع واحد منهم ولكن دون جدوى.
ورجعت إلى الروضة المطهرة حيث جلست أقرأ ما تيسر من القرآن، وأحسن الترتيل وأعيده مرات لأني تخيلت وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله يستمع إلي، وقلت في نفسي أيمكن أن يكون الرسول ميتا كسائر الأموات، فلماذا نقول في صلاتنا، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته بصفة المخاطب، وإذا كان المسلمون يعتقدون بأن سيدنا الخضر عليه السلام لم يمت ويرد السلام على كل من يسلم عليه بل وأن مشايخ الطرق الصوفية يعتقدون جزما بأن شيخهم أحمد التيجاني أو عبد القادر الجيلاني يأتون إليهم جهارا ويقظة لا مناما، فلماذا نشح على رسول الله بمثل هذه المكرمة وهو أفضل الخلق على الاطلاق، ولكن يخفف على نفسي أن المسلمين لا يشحون بذلك على رسول الله، إلا الوهابية الذين بدأت أنفر منهم لهذا ولعدة أسباب أخرى منها الغلظة التي شاهدتها فيهم والشدة على المؤمنين الذين يخالفونهم في معتقداتهم. زرت البقيع وكنت واقفا أترحم على أرواح أهل البيت، وكان بالقرب مني شيخ طاعن في السن يبكي وعرفت من بكائه أنه شيعي، واستقبل القبلة وبدأ يصلي وإذا بالجندي يأتي إليه بسرعة وكأنه كان يراقب تحركاته وركله بحذائه ركلة وهو في حالة سجود فقلبه على ظهره وبقي