نفسه: (فعملت لذلك أعمالا.. ولا أدري سبب تخلف البقية الباقية من الحاضرين بعد ذلك إذ قال لهم رسول الله: قوموا فانحروا ثم أحلقوا، فلم يستمع إلى أمره أحد منهم حتى كررها عليهم ثلاث مرات بدون جدوى.
سبحان الله! أنا لا أكاد أصدق ما أقرأ، وهل يصل الأمر بالصحابة إلى هذا الحد في التعامل مع أمر الرسول، ولو كانت هذه القصة مروية من طريق الشيعة وحدهم لعددت ما قالوا افتراء على الصحابة الكرام، ولكن القصة بلغت من الصحة والشهرة أن تناقلها كل المحدثين من أهل السنة والجماعة أيضا، وبما أنني ألزمت نفسي توثيق ما اتفقوا عليه، فلا أراني إلا مسلما ومتحيرا: ماذا عساني أن أقول؟ وبم أعتذر عن هؤلاء الصحابة الذين قضوا مع رسول الله قرابة عشرين عاما من البعثة إلى يوم الحديبية، وهم يشاهدون المعجزات وأنوار النبوة، والقرآن يعلمهم ليلا نهارا كيف يتأدبون مع حضرة الرسول وكيف يكلموه، حتى هددهم الله بإحباط أعمالهم إن رفعوا أصواتهم فوق صوته.
ويدفعني إلى الاحتمال بأن عمر بن الخطاب هو الذي أثار بقية الحاضرين ودفعهم إلى التردد والتخلف عن أمر الرسول - زيادة على اعترافه بأنه عمل لذلك أعمالا لم يشأ ذكرها - ما يردده هو في موارد أخرى قائلا: ما زلت أصوم وأتصدق وأصلي وأعتق مخافة كلامي الذي تكلمت به. إلى آخر ما هو مأثور عنه في هذه القضية (1).
مما يشعرنا بأن عمر نفسه كان يدرك بعد الموقف الذي وقفه ذلك اليوم إنها قصة عجيبة وغريبة ولكنها حقيقية..
2 - الصحابة ورزية يوم الخميس ومجمل القصة أن الصحابة كانوا مجتمعين في بيت رسول الله قبل وفاته بثلاثة أيام، فأمرهم أن يحضروا له الكتف والدواة ليكتب لهم كتابا يعصمهم من