ناصره فاستمسك بغرزه، ولما فرغ رسول الله من كتاب الصلح قال لأصحابه:
قوموا فانحروا ثم أحلقوا، فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يمتثل لأمره منهم أحد دخل خباءه ثم خرج فلم يكلم أحدا منهم بشئ حتى نحر بدنة بيده، ودعا حالقه فحلق رأسه، فلما رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا (1)...
هذه مجمل قصة الصلح في الحديبية وهي من الأحداث المتفق عليها عند الشيعة والسنة وقد ذكرها المؤرخون وأصحاب السير كالطبري وابن الأثير وابن سعد وغيرهم كالبخاري ومسلم.
وأنا لي هنا وقفة، فلا يمكن لي أن أقرأ مثل هذا ولا أتأثر ولا أعجب من تصرف هؤلاء الصحابة تجاه نبيهم، وهل يقبل عاقل قول القائلين بأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يمتثلون أوامر رسول الله صلى الله عليه وآله وينفذونها، فهذه الحادثة تقطع عليهم ما يرومون، هل يتصور عاقل بأن هذا التصرف في مواجهة النبي هو أمر هين، أو مقبول; أو معذور، قال تعالى:
(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (2).
فهل سلم عمر بن الخطاب هنا ولم يجد في نفسه حرجا مما قضى الرسول صلى الله عليه وآله؟! أم كان في موقفه تردد في ما أمر النبي؟ وخصوصا في قوله:
أولست نبي الله حقا؟ أو لست كنت تحدثنا؟ إلى آخره، وهل سلم بعد ما أجابه رسول الله بتلك الأجوبة المقنعة؟ كلا لم يقتنع بجوابه وذهب يسأل أبا بكر الأسئلة نفسها، وهل سلم بعد ما أجابه ونصحه أن يلزم غرز النبي، لا أدري إذا كان سلم بذلك، أو اقتنع بجواب النبي أو بجواب أبي بكر!! وإلا لماذا تراه يقول عن