جاء في كتاب الإمامة والسياسة ".. فأتى عمر أبا بكر فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك " يعني علي (ع) " بالبيعة؟ فقال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له: إذهب فادع لي عليا، قال فذهب إلى علي فقال له ما حاجتك؟ فقال: يدعوك خليفة رسول الله، فقال علي لسريع ما كذبتم على رسول الله فرجع فأبلغ الرسالة قال: فبكى أبو بكر طويلا فقال عمر: لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة... " (1).
لقد كان الاصرار قويا من عمر وهو يلفت نظر أبي بكر إلى تخلف علي (ع) عن البيعة حتى أنهم هددوه بالقتل يقول ابن قتيبة " فقالوا له: بايع، فقال: إن لم أفعل فمه قالوا: إذا والله الذي لا إله هو نضرب عنقك! " (2).
لقد استفحل الأمر بين الجبهتين حتى أنه وكما ينقل لنا اليعقوبي لو وافى عليا أربعون من المخلصين لكان لأمر الخلافة حديث آخر ولكن لم يجد علي من يعينه، يقول اليعقوبي " وكان خالد بن سعيد غائبا فقدم فأتى عليا فقال هلم أبايعك، فوالله ما في الناس أحد أولى بمقام محمد منك واجتمع جماعة إلى علي بن أبي طالب يدعونه إلى البيعة له، فقال لهم: أغدوا علي غدا محلقين الرؤوس فلم يغد عليه إلا ثلاثة نفر " (3). ولم تبق وسيلة أمام السلطة إلا اقتحام الدار وإجبار من فيها حتى ولو كانت هذا الدار هي تلك الدار المقدسة التي يقطنها أهل البيت (ع) ولم يشفع أهل الدار دون أن تحرق وتنتهك حرمتها، وهذا ما جرى عندما تفقد أبو بكر قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه " فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده: لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها فقيل له يا أبا حفص: إن فيها فاطمة؟ قال: وإن " (4).