ومع هذا يسخر الله من يسبر أغوار التاريخ ليخرج لنا الحقيقة، وستكون كتب القوم شاهدة على وهن ما يعتمدونه من تصويب كل ما فعله الصحابة المقدسون.
وقبل مناقشة ما جرى في السقيفة من أحداث الشورى المزعومة يجدر بنا أن نتحدث عن أهم نظرية أسس عليها أهل السنة والجماعة قاعدتهم التي انطلقوا منها لأخذ معالم دينهم وهي " نظرية عدالة الصحابة " وبئس ما أسسوا (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله والله لا يهدي القوم الظالمين) (1).
هذه النظرية التي تخالف منطق القرآن والعقل بل وتناقض صريح الأحاديث الشريفة الواردة في كتب التاريخ والسيرة جعلت الأمة تتيه وتتخبط وأحيانا تجمد وتقف حائلا بين الناس والحق، فهؤلاء الصحابة بأنفسهم يهدمون هذه النظرية من أساسها بأقوالهم وأفعالهم، أما ما وضع من فضائل مكذوبة لهم فلا يحتاج أمرها إلى ذكاء خارق لمعرفة ضعفها ووهنها سندا ومتنا وذلك لمخالفتها الواقع، ولو لم تكن إلا هذه النظرية لكفى بها تمييعا وتضعيفا لمعتقد أهل السنة والجماعة الذي لا يفرق بين المسلم والكافر ولا بين المؤمن والمنافق.
مع عدالة الصحابة الصحابي عند أهل السنة والجماعة هو كل من لقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤمنا به ولو ساعة من النهار ومات على الإسلام، وبالطبع لم يبق بمكة والطائف أحد سنة عشر إلا أسلم وشهد مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حجة الوداع. وإنه لم يبق في الأوس والخزرج أحد في آخر عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا ودخل في الإسلام، وألحق بهذا الكم الهائل من أمروا في الفتوح بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كل هؤلاء يدخلون تحت مصطلح الصحابي بمفهوم