الزهراء (ع)، ولما عرف شيوخ المدينة دفنها، وفي البقيع قبور جدد أشكل عليهم الأمر فقالوا: هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور لنخرجها ونصلي عليها، فبلغ ذلك عليا (ع) فخرج مغضبا عليه قباؤه الأصفر الذي يلبسه عند الكريهة وبيده ذو الفقار، وهو يقسم بالله لئن حول من القبور حجر ليضعن السيف فيهم، فتلقاه عمر ومعه جماعة فقال له: ما لك، والله يا أبا الحسن لننبشن قبرها ونصلي عليها.
فقال علي (ع) وهو غاضب: أما حقي فتركته مخافة أن يرتد الناس عن دينهم، وأما قبر فاطمة فوالذي نفسي بيده لئن حول منه حجر لأسقين الأرض من دمائكم، فتفرق الناس (1).
وأسدل الستار عن أول محطة سقطت الأمة في امتحانها، وغادرت الزهراء مشتاقة للقاء ربها وأبيها ذهبت وهي تحمل جراحات مثخنة وآلاما عظاما.. انتقلت لتشكو إلى الله سبحانه وتعالى ليحكم لها على من ظلمها وتركت لنا أعلام هداية ومنارات فرقان.. رحلت وخلفت فينا سرها. سرها الذي دفن في قبرها الذي دفنت فيه سرا. إنه سر سهل ممتنع لا تطوله كل العقول ولا يمتنع عن جميع العقول، سر لا يطوله إلا من أشرق في قلبه نور فاطمة وارتشف من ضياه عقله فانفتح على الحق والخير ونفر من الظلم والانحراف.
ورغم أنني تجرعت كأس ألمها إلا أنه بالنسبة لي كان ممزوجا بالحلاوة. شربت منه فأشرقت لي فاطمة بنورها فكانت الدليل إلى الصراط المستقيم. وما أعظم شأنها.
حقا إنها فاطمة بنت محمد زوج علي.
الزهراء صرخة مدوية عبر التاريخ لقد انتقلت الزهراء (ع) إلى بارئها هناك حيث جنة عرضها السماوات والأرض تنتظر يوم القيامة يوم الحساب.. ولكنها تركت صرخة تجلجل وتدوي لتحرك