أخيرا انكشف الغطاء وعرفوا الحل " ولا أبقى الله الأمة لمعضلة ليس لها أبو الحسن " اجتمعوا عليه وطلبوا منه أن يقبل الخلافة، أشار عليهم أن يبحثوا عن غيره لأنه كان يعلم بأنهم لن يستطيعوا معه صبرا على الحكم بالحق، وأنه لن يخاف في الحق لومة لائم كما قال في الأموال التي وزعها عثمان على محبيه وهي ملك للمسلمين عامة، " والله لو وجدته قد تزوجت به النساء وملك به الإماء لرددته فإن في العدل سعة ومن ضاق عليه العدل، فالجور عليه أضيق ".
هكذا سيكون علي ولن يعجب هذا الحال بعض الذين تعودوا على العطايا والهبات الملكية زمن الخلفاء إضافة إلى الذين لا يرغبون في شخص علي (ع) حاكما.
فألبوا الناس على قتاله، وحكم علي (ع) المسلمين في فترة اتسمت بالحروب التي كانت فيصلا بين الحق والباطل وقد أخبره الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) " تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل ".
يقول الإمام علي (ع) في أمر مبايعته:
" فما راعني إلا والناس كعرف الضبع ينثالون علي من كل جانب، حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم، فلما نهضت بالأمر " نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون " (1) كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) بلى: " والله لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها " الشقشقية.
حرب الجمل:
كان طلحة والزبير ذوا حظوة حتى عهد عثمان، وكانا يطمعان في الكثير على عهد علي (ع)، وعندما لم يجدا بغيتهما عند إمام العدل أضمرا في نفسيهما أمرا وطلبا