ومن ثم اتخاذها ذلك الموقف من الخلفاء وغضبها ودفنها ليلا وسرا.
بعيد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مباشرة حدث الاختلاف حول الخلافة، البعض ينادي بخلافة علي (ع) وأهل البيت وآخرون يرون شرعية ما جرى في السقيفة من تولية لأبي بكر.. إن الأحداث بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذت بعدا آخر ولم تكن فدك فيها إلا حلقة من حلقات الصراع بين أصحاب السقيفة وأهل البيت (ع) المعارضين لها بقيادة علي وفاطمة (ع).. وكان بيت فاطمة هو ملتقى تلك المعارضة يقول ابن قتيبة في تاريخه " إن أبا بكر رضي الله عنه تفقد قوما تخلفوا عن بيعته في دار علي " وفاطمة " فأبوا أن يخرجوا فدعا عمر بالحطب، يريد منهم أن يبايعوا بالإكراه والقوة، وقال: والذي نفس عمر بيده. لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها. فقيل له يا أبا حفص إن فيها فاطمة فقال: وإن.. فوقفت فاطمة رضي الله عنها على بابها فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضرا منكم تركتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقنا " (1).
لقد أطلقت فاطمة (ع) صوت المعارضة وحملت مشعل الحقيقة لتبين للجماهير التي اشتبه عليها الأمر وطالبت بفدك وأثبتت بذلك للتاريخ كله أن خلافة تقوم في أول خطوة لها بالاعتداء على أملاك رسول الله صلى ليست امتدادا له بقدر ما هي انقلاب عليه كما هو الشأن في كل الانقلابات التي تتم في العالم حيث تتم مصادرة أملاك السابقين وأي شخص يتجرد من العصبية المذهبية ويفهم أوليات السياسة يدرك مغزى مصادرة (فدك) وإخراج عمال فاطمة منها وبالقوة أو كما يعبر صاحب الصواعق المحرقة " انتزاع فدك من فاطمة ". ولم تكن " فدك " قطعة الأرض، هي مقصد فاطمة (ع) بل الخلافة الإسلامية التي كانت حقا لزوجها علي بن أبي طالب كما سنبين ويمكن