القصص لعلهم يتفكرون) (1) ويقول عز وجل (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) (2)....
وغيرها من الآيات الواضحة التي تلفت انتباهنا للتفكر والتدبر في التاريخ، وهذه النتيجة لا تحتاج إلى تفكر بل هي من البديهيات المسلمة ولكن البعض يرفضها بحجة أنها إثارة للفتن وكأنما القرآن هو المثير للفتنة (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (3).
وإنني على يقين بأنه لو كان هنالك كتاب منزل من السماء بعد القرآن لقص علينا ما جرى بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على أهل بيته من ظلم واضطهاد وتنحية عن مراتبهم التي رتبهم فيها الله عز وجل، ولكن شاء الله بحكمته وإرادته أن يكون محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم الأنبياء والمرسلين والقرآن هو الدستور الحاكم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وبما أن الأمة تفرقت شيعا وطوائف وجب البحث في قضايا التاريخ عن جذر هذه الانحرافات الموجودة في الأمة، وفي نهاية هذا الفصل سنذكر أمثلة من الانحرافات التي حدثت في الأمم السابقة والتي يمكن أن نجد لها مصداقا في واقع الأمة الإسلامية.
ثانيا: - التاريخ ضرورة للحاضر.
تفصل بيننا وبين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حقبة زمنية طويلة نحتاج فيها للتاريخ شئنا أم أبينا فهو ضروري لفهم شريعة السماء، وكل ما نتعبد به وصل إلينا عبر التاريخ، القرآن والسنة والحديث والسيرة والفقه وغيرها فكيف يتسنى لنا طي هذه المسافة الزمنية التي تجاوزت الأربعة عشرة قرنا إذا لم نبحث التاريخ... بلا شك إن العقلاء لا يقرون إهمال التاريخ وطيه وإغفال العبر والدروس التي يمكن استخلاصها منه.