القصة الثانية: السامري وهارون مع بني إسرائيل:
قال الله تعالى (قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى، قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا، ألا تتبعن أفعصيت أمري، قال يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي، قال فما خطبك يا سامري، قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي) (طه / 83 - 97).
قبل أن نبدأ في شرح قصة السامري الذي انقلب على خليفة موسى " هارون (ع) " هنالك ملاحظة هامة نلحظها في القرآن الكريم وهي (التركيز على قصص بني إسرائيل) ترى لماذا هذا التركيز؟ لا بد من وجود حكمة تقتضي ذلك.
في الواقع هناك شبه كبير بين بني إسرائيل وأمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولعل أبرز نقاط التشابه كما سيتضح من خلال الأحداث التاريخية ما جرى لموسى وهارون (ع) من بني إسرائيل وما جرى لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (ع) من هذه الأمة وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " له مغزى ودلالات عظيمة، وما أورده ابن قتيبة في تاريخه الإمامة والسياسة يبين لنا جانبا من التشابه بين الأمتين... يقول في معرض قصة طلب عمر من علي (ع) البيعة لأبي بكر " بقي عمر ومعه قوم أمام بيت فاطمة (ع) فأخرجوا عليا فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له: بايع فقال: إن لم أفعل فمه؟ قالوا: إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك. فقال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله... إلى أن قال ابن قتيبة: فلحق علي بقبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصيح ويبكي وينادي: يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا أن يقتلوني (1) وهذا ما قاله هارون