(قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رحمة الله على خلفائي، قالوا: ومن خلفاؤك يا رسول الله؟ قال: الذين يحبون سنتي ويعلمونها للناس) (1)، وعن سعيد بن المسيب قال: (ما كان أحد من الناس يقول: سلوني، غير علي بن أبي طالب) (2)، وكان علي يحض الناس على السؤال، ويقول: (ألا رجل يسأل فينتفع، وينتفع جلساؤه) (3)، وكان يقول: (تزاوروا وتدارسوا الحديث، ولا تتركوه يدرس (أي تعهدوه لئلا تنسوه) (4)، وقال: (تعلموا العلم، فإذا علمتموه فاكظموا عليه ولا تخالطوه بضحك وباطل فتمحه القلوب) (5).
وبالجملة، بينت الدعوة الإلهية الخاتمة، أن الحديث عن النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم، لا غنى للمسيرة عنه، لأنه مكمل للتشريع ومبين لمجملات القرآن، ومخصص لعموماته ومطلقاته، كما أن الحديث تكفل بكثير من النواحي الأخلاقية والاجتماعية والتربوية، وأخبر فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالغيب عن ربه جل وعلا، فبين للناس ما يستقبلهم من أحداث ليأخذوا بأسباب النجاة من مضلات الفتن، وبعد رحيل النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم اجتهد بعض الصحابة في أمر الرواية والتدوين، ولقد تواترت الأخبار في منع عمر بن الخطاب الصحابة، وهم الثقات العدول، وردعهم عن رواية العلم وتدوينه، وفي هذا يقول ابن كثير (هذا معروف عن عمر) (6)، ثم سار على سنة عمر خلفاء وملوك بني أمية، ولم ترو الأحاديث الجامعة للعلم والمبينة للناس ما يستقبلهم من أحداث، إلا في عهد الإمام علي بن أبي طالب (7).